الغرض ، كما يقال ضربت زيداً على عصيانه ، أي لأجل عصيانه ، وهو غير مراد هنا قطعاً فتعين الأوّل.

وأيضاً فالله تعالى قد نطق في كتابه العزيز بأنّه عفوّ غفور وأجمع المسلمون عليه ولا معنى له إلّا إسقاط العقاب عن العاصي.

المسألة العاشرة : في الشفاعة

قال : والإجماع على الشفاعة ، فقيل لزيادة المنافع ، ويبطل بنا في حقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أقول : اتفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويدل عليه قوله تعالى : ﴿عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (١) قيل : إنّه الشفاعة ، واختلفوا : فقالت الوعيدية(٢) : إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للمؤمنين (٣) المستحقين للثواب.

وذهبت التفضلية إلى أن الشفاعة للفسّاق من هذه الأُمة في إسقاط عقابهم ، وهو الحق.

__________________

(١) الإسراء : ٧٩.

(٢) هؤلاء في مقابل «التفضلية» ، والطائفة الأُولى هم المعتزلة والخوارج ، قالوا بخلود أهل المعاصي في النار إذا ماتوا بلا توبة ، والطائفة الثانية قالوا : إنّ الله سبحانه يتفضّل على عباده يوم القيامة من غير استحقاقهم ، وهم الأشاعرة والإمامية.

(٣) الداعي إلى ذلك التفسير ، الرأي المسبّق في مرتكب الكبيرة ، حيث قالوا بخلوده في النار وعدم جواز العفو ، فلما واجهوا آيات الشفاعة عمدوا إلى تأويلها بأنّها ليست بمعنى إسقاط العقاب بل بمعنى ترفيع الدرجة.

۳۰۸۱