المسألة الثالثة : في وقوع العدم وكيفيته

قال : والسمعُ دلّ عليه.

أقول : يدل على وقوع العدم السمع ، وهو قوله تعالى : ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ (١) وقوله تعالى : ﴿كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ (٢) وقال تعالى : ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٣) وقد وقع الإجماع على الفناء وإنّما الخلاف في كيفيته على ما يأتي.

قال : ويتأوَّلُ في المكلَّف بالتفريق كما في قصة إبراهيم عليه‌السلام.

أقول : المحققون على امتناع إعادة المعدوم ، وسيأتي البرهان على وجوب المعاد (٤) ، وهاهنا قد بيّن أنّه تعالى يعدم العالم ، وذلك ظاهر المناقضة ، فبيّن المصنف مراده من الإعدام: أمّا في غير المكلفين وهم مَنْ لا يجب إعادته فلا اعتبار به إذ لا يجب إعادته فجاز إعدامه بالكلية ولا يعاد.

وأمّا المكلف الذي يجب إعادته فقد تأوّل المصنف رحمه‌الله معنى إعدامه بتفريق أجزائه ، ولا امتناع في ذلك ، فإنّ المكلَّف بعد تفريق أجزائه يصدق عليه أنّه هالك بمعنى أنّه غير منتفع به ، أو يقال : إنّه هالك بالنظر إلى ذاته ،

__________________

(١) الحديد : ٣.

(٢) القصص : ٨٨.

(٣) الرحمن : ٢٦.

(٤) سيأتي البرهان على وجوب المعاد في المسألة الرابعة ، وحاصل الكلام وجود التهافت بين المسألتين ، فمن جانب دلّ الدليل على وجوب المعاد ، ومن جانب دلّ الدليل عقلاً ونقلاً على أنّه سبحانه يُعدِم العالَم ، وعند ذاك تكون إعادته أمراً محالاً لما دل الدليل على امتناع إعادة المعدوم ، فأجاب بأنّ المقصود من الإعدام في غير المكلفين هو الإعدام المطلق ، وأمّا فيهم فبتفريق أجزاء وجودهم ، ويدل عليه ـ مضافاً إلى قصة إبراهيم ـ ما جاء في الذكر الحكيم في عزير النبي في سورة البقرة الآية ٢٥٩.

۳۰۸۱