فعلناه بالضمان عن كونه ظلماً قبيحاً فلا يلزم أن يبلغ الحد الذي شرطناه في الآلام الصادرة منه تعالى.

المسألة الخامسة عشرة : في الآجال

قال : وأجلُ الحيوان (١) الوقتُ الذي علم اللهُ تعالى بطلان حياته فيه.

أقول : لما فرغ من البحث عن الأعواض انتقل إلى البحث عن الآجال ، وإنّما بحث عنه المتكلمون لأنهم بحثوا عن المصالح والألطاف وجاز أن يكون موت إنسان في وقت مخصوص لطفاً لغيره من المكلفين فبحثوا عنه (٢) بعد بحثهم عن المصالح.

واعلم أنّ الأجل هو الوقت ، ونعني بالوقت هو الحادث (٣) أو ما يقدّر تقدير الحادث (٤) ، كما يقال : جاء زيد عند طلوع الشمس ، فإنّ طلوع الشمس أمر حادث معلوم لكل أحد فجعل وقتاً لغيره ، ولو فرض جهالة طلوع

__________________

(١) الأجل يطلق ويراد منه تارة نهاية المدة كما في أجل الحيوان والإنسان ، وأُخرى مجموع المدة مثل قوله سبحانه: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ ... (القصص : ٢٨).

أي من الثماني والعشر حجج.

(٢) أي بحثوا عن الموت بعد البحث عن حسنه لكونه سبباً لنيل الكمال.

(٣) والأولى أن يقيّده بالمعلوم ، ولأجله ربّما يكون طلوع الشمس وقتاً لمجيء زيد وأُخرى يكون مجيء زيد وقتاً له كما يصرّح بذلك.

(٤) الظاهر أنّه يريد تقسيم الوقت إلى وقت عام وخاص ، والأوّل ما يقدَّر به أكثر الحوادث كالليل والنهار وطلوع الشمس وغروبه ، والثاني ما يقدَّر به بعض الحوادث ، كنسبة بعض الحوادث إلى مجيء زيد.

۳۰۸۱