لما ادّعى النبوة فقيل له : إنّ رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا لأعور فردّ الله عينه الذاهبة ، فدعا لأعور فذهبت عينه الصحيحة!
وكما نقل أنّ إبراهيم عليهالسلام لما جعل الله تعالى عليه النار برداً وسلاماً قال نمرُود عند ذلك : إنّما صارت كذلك هيبة مني فجاءته نار في تلك الحال فأحرقت لحيته!
لا يقال : يكفي في التكذيب ترك المعجز عقيب دعواهم فيبقى إظهار المعجز على العكس خرقاً للعادة من غير فائدة فيكون عبثاً.
لأنّا نقول : قد يتضمن المصلحة إظهاره على العكس إظهاراً لتكذيبه في الحال بحيث يزول الشك ، لتجويز أن يقال : تأخير المعجز عقيب الدعوى قد يكون لمصلحة ثمّ يوجد بعد وقت آخر ، فلا يحصل الجزم التام بالتكذيب.
المسألة السادسة : في وجوب البعثة في كل وقت
قال : ودليلُ الوجوب يُعطي العمومية (١).
__________________
(١) ظاهر العنوان يعطي لزومَ وجود نبيّ ظاهر بين الناس يدعو إلى الله في كل زمان. أخذاً بالأدلّة التسعة الدالة على حسن البعثة أو لزومها ، ولكنّه ليس بمقصود ، لختم النبوّة برحيل سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا نبيَّ ولا رسولَ بعده ، بل المقصود : وجود شريعة غير منسوخة في كل زمان يعتنقها كل من أراده وقد كان متيسراً في الفترة بين المسيح ونبينا ـ وفي عصرنا ـ ، ولأجل ذلك فسّر العلّامة كلام الماتن بقوله : «بحيث لا يجوز خلوّ زمانٍ من شرع نبيّ» ومع ذلك أنّ الاستدلال على ذلك بما ورد في كلام الشارح ربّما يساعد المعنى المتوهم ، حيث يقول : «إنّ في بعثته زجراً عن القبائح وحثّاً على الطاعة فتكون لطفاً ، ولأنّ فيه تنبيهَ الغافل ...» فإنّ هذا كلّه من آثار النبي الظاهر لا الشريعة الصامتة.
ولو أخذنا بما ذكر من البراهين فلا يلزم وجود نبي ظاهر في كل زمان ، بل يجب وجود الحجة من نبي أو ولي ، أو عالم في كل زمان يحث على الطاعة وينبِّه الغافل.