المسألة الثامنة عشرة : في استحالة الألم واللذة عليه تعالى

قال : والألمِ مطلقاً واللذةِ المزاجية.

أقول : هذا أيضاً عطف على الزائد ، فإنّ وجوب الوجود يستلزم نفي اللذة والألم.

واعلم أنّ اللذة والألم قد يكونان من توابع المزاج ، فإنّ اللذة من توابع اعتدال المزاج والألم من توابع سوء المزاج ، وهذان المعنيان إنّما يصحّان في حق الأجسام ، وقد ثبت بوجوب الوجود أنّه تعالى يستحيل أن يكون جسماً فينتفيان عنه.

وقد يعنى بالألم إدراك المنافي وباللذة إدراك الملائم ، فالألم بهذا المعنى منفي عنه لأن واجب الوجود لا منافي له.

وأمّا اللذة بهذا المعنى (١) فقد اتفق الأوائل على ثبوتها لله تعالى لأنّه مدرك لأكمل الموجودات أعني ذاته فيكون ملتذاً به ، والمصنف رحمه‌الله كأنّه قد ارتضى هذا القول ، وهو مذهب ابن نوبخت وغيره من المتكلمين إلّا أن إطلاق الملتذ عليه يستدعي الإذن الشرعي.

__________________

(١) ومن هذا الباب ما في كلماتهم : ابتهاجه سبحانه بذاته ، والظاهر أنّ اسناد السرور والفرح والبهجة وإدراك الملائم ، مثل اسناد الغضب والرضا إليه سبحانه ، ليس بحقيقي والجميع يفسَّر من باب خذ الغايات واترك المبادئ ، كل ذلك لابتعاده عن وصمة الانفعال ، ولم يصرح الماتن بوجود هذا النوع من اللذة في الله سبحانه وإنّما نفى الإدراك غير الملائم ، وهو بمفهومه دلّ على جواز هذا النوع من الإدراك.

۳۰۸۱