المسألة الرابعة : في وجوب المعاد الجسماني

قال : ووجوبُ إيفاء الوعد والحكمةُ يقتضي وجوبَ البعث ، والضرورةُ قاضيةٌ بثبوت الجسماني من دين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع إمكانه.

أقول : اختلف الناس هنا ، فذهب الأوائل إلى نفي المعاد الجسماني ، وأطبق الملّيون عليه.

واستدل المصنف رحمه‌الله على وجوب المعاد مطلقاً بوجهين :

الأوّل : أنّ الله تعالى وعد بالثواب وتوعد بالعقاب مع مشاهدة الموت للمكلفين ، فوجب القول بعودهم ليحصل الوفاء بوعده ووعيده.

الثاني : أنّ الله تعالى قد كلّف وفعل الألم وذلك يستلزم الثواب والعوض وإلّا لكان ظالماً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، فإنّا قد بيّنا حكمته تعالى ، ولا ريب في أنّ الثواب والعوض إنّما يصلان إلى المكلف في الآخرة لانتفائهما في الدنيا.

واستدل على ثبوت المعاد الجسماني بأنّه معلوم بالضرورة من دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والقرآن دلّ عليه في آيات كثيرة بالنص ، مع أنّه ممكن فيجب المصير إليه ، وإنما قلنا بأنّه ممكن لأنّ المراد من الإعادة جمع الأجزاء المتفرقة وذلك جائز بالضرورة.

قال : ولا تجب إعادة فواضل المكلّف.

أقول : اختلف الناس في المكلف ما هو على مذاهب عرفت :

منها : قول من يعتقد أن المكلف هو النفس المجردة ، وهو مذهب

۳۰۸۱