احتجّ بأنّ وقوعه منه يدلّ على الجهل أو الحاجة وهما منفيان في حقه تعالى.

والجواب : أنّ الامتناع هنا بالنظر إلى الحكمة ، فهو امتناع لاحق لا يؤثر في الامكان الأصلي ، ولهذا عقب المصنف رحمه‌الله الاستدلال على مراده بالجواب عن الشبهة التي له وإن لم يذكرها صريحاً.

المسألة الرابعة : في أنّه يفعل لغرض

قال : ونفيُ الغرض يستلزم العبثَ ولا يلزم عودُه إليه.

أقول : اختلف الناس هنا ، فذهبت المعتزلة إلى أنّه تعالى يفعل لغرض ولا يفعل شيئاً لغير فائدة.

وذهبت الأشاعرة إلى أنّ أفعاله تعالى يستحيل تعليلها بالأغراض والمقاصد.

والدليل على مذهب المعتزلة : أنّ كل فعل لا يفعل لغرض فإنّه عبث والعبث قبيح والله تعالى يستحيل منه فعل القبيح.

احتجّ المخالف (١) بأنّ كلّ فاعل لغرض وقصد فإنّه ناقص بذاته مستكمل بذلك الغرض والله تعالى يستحيل عليه النقصان.

والجواب : النقص إنّما يلزم لو عاد الغرض والنفع إليه أمّا إذا كان النفع عائداً إلى غيره فلا ، كما نقول إنّه تعالى يخلق العالم لنفعهم.

__________________

(١) الظاهر أنّ النزاع لفظيّ لاتفاق الطائفتين على أنّه ليس لأفعاله سبحانه غرض يستكمل به الفاعل كما هو الحال في أفعال الإنسان ، ولو كان هناك غرض فإنّما هو للفعل أي ليس الفعل بلا غاية وهذا لا ينكره الأشعري لكن إذا عقل وفكّر.

۳۰۸۱