في أصله ، أو أنّ الثواب يسقط بعد ثبوته ، أو أنّ الكفر أبطله ، والأوّلان باطلان :
أمّا الأوّل فلأنّه علق بطلانه بالشرك المتجدد ولأنّه شرط وجزاء وهما إنّما يقعان في المستقبل وبالأوّل يبطل الثاني.
وأمّا الثاني فلما يأتي من بطلان التحابط ، فتعين الثالث.
المسألة السابعة : في الإحباط والتكفير
قال : والإحباطُ باطلٌ لاستلزامه الظلم ، ولقوله تعالى : ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾ (١).
أقول : اختلف الناس هنا ، فقال جماعة من المعتزلة بالإحباط والتكفير ، ومعناهما أن المكلف يسقط ثوابه المتقدم بالمعصية المتأخرة أو تكفّر ذنوبه المتقدمة بطاعته المتأخرة ، ونفاهما المحققون ، ثمّ القائلون بهما اختلفوا :
فقال أبو علي : إنّ المتأخر يسقط المتقدم ويبقى على حاله.
وقال أبو هاشم : إنّه ينتفي الأقل بالأكثر (٢) وينتفي من الأكثر بالأقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقاً وهذا هو الموازنة.
ويدلّ على بطلان الإحباط أنّه يستلزم الظلم ، لأن من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن وإن كان إحسانه أكثر يكون
__________________
(١) الزلزلة : ٧.
(٢) حاصل الفرق بين القولين أنّ أبا علي يقول بأنّ المتأخر وإن كان أقلَّ يُسقط المتقدم وإن كان أكثر ، وأمّا أبو هاشم فهو يوازن بين المتقدم والمتأخر وعليه ينتفي الأقل بالأكثر وأمّا الأكثر فينتفي منه بمقدار الأقل ويبقى الزائد.