المسألة الخامسة عشرة : في الأسماء والأحكام

قال : والإيمانُ : التصديقُ بالقلب واللسان ، ولا يكفي الأوّل لقوله تعالى : ﴿وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ (١) ونحوه ، ولا الثاني لقوله : ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا (٢).

أقول : اختلف الناس في الإيمان على وجوه كثيرة ليس هذا موضع ذكرها ، والذي اختاره المصنف رحمه‌الله أنّه عبارة عن التصديق بالقلب واللسان معاً ولا يكفي أحدهما فيه.

أمّا التصديق القلبي فإنّه غير كاف لقوله تعالى : ﴿وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ (٣) وقوله تعالى : ﴿فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (٤) فأثبت لهم المعرفة والكفر.

وأمّا التصديق اللساني فإنّه غير كاف أيضاً لقوله تعالى : ﴿قالَتِ

__________________

ـ عليه ، وقد ألهم بهذه الحقيقة شاعر العصر الجاهلي لبيد حيث قال :

ألا كلّ شيء ما سوى الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

وقد أجاب العلّامة الطباطبائي قدس‌سره عن الاستدلال بوجه آخر وقال : «المراد تبدّل نشأ الوجود ، والرجوع إلى الله المعبّر عنه بالانتقال من الدنيا إلى الآخرة ، والتلبس بالعود بعد البدء ، وهذا إنّما يكون فيما هو موجود بوجود بدئي دنيويّ وأمّا الدار الآخرة وما هو موجود بوجود أخروي كالجنة والنار فلا يتصف شيء من هذا القبيل بالهلاك بهذا المعنى». (الميزان : ١٦ / ٩٥).

(١) النمل : ١٤.

(٢) الحجرات : ١٤.

(٣) لا دلالة فيها على ما يدّعيه ، إذ لقائل أن يقول : الإيمان هو التصديق القلبي بشرط أن لا يجحد باللسان ولا يكذّبه به.

(٤) البقرة : ٨٩.

۳۰۸۱