أقول : هذا إشارة إلى ما احتج الأوائل به على امتناع خلق عالم آخر ، وتقريره من وجهين :
الأوّل : أنّه لو وجد عالم آخر لكان كرة لأنّه الشكل الطبيعي فإن تلاقت الكرتان أو تباينتا لزم الخلاء.
والجواب : لا نسلّم وجوب الكرية في العالم الثاني ، سلّمنا لكن لا نسلّم وجوب الخلاء لإمكان ارتسام الثاني في ثخن بعض الأفلاك أو إحاطة المحيط بالعالمين.
الثاني : لو وجد عالم آخر فيه نار وأرض وغيرهما فإن طلبت أمكنة هذه العناصر لزم قسرها دائماً وإلّا اختلف المتفقات في الطباع في مقتضاها.
والجواب : لم لا يجوز أن يكون العالم الآخر مخالفاً لهذا العالم في الحقيقة ، سلّمنا لكن لم لا يجوز أن يكون المكانان طبيعيين لهما ، فهذا ما خطر لنا في تطبيق كلام المصنف رحمهالله عليه.
المسألة الثانية : في صحة العدم على العالم (١)
قال : والامكانُ يعطي جواز العدم.
أقول : اختلف الناس في أن العالم هل يصح عدمه أم لا؟ فذهب المليون أجمع إلى ذلك إلّا من شذّ ، ومنع منه القدماء واختلفوا :
__________________
(١) من قال بامتناع عدم العالم ، اختلفوا إلى طوائف ثلاث :
١ ـ من قال بالامتناع الذاتي لكون نفس العالم واجب الوجود ، وهم الماديون.
٢ ـ من قال بقدم العالم لقدم علته فيمتنع عليه العدم لوجوب علته ، والقائلون به ـ