قال : وليست زائدةً على الداعي وإلّا لزم التسلسل أو تعدُّدُ القدماءِ.
أقول : اختلف الناس هنا ، فذهبت الأشعرية إلى إثبات أمر زائد على ذاته قديم هو الإرادة. والمعتزلة اختلفوا :
فقال أبو الحسين : إنّها نفس الداعي ، وهو الذي اختاره المصنف.
وقال أبو علي وأبو هاشم : إنّ إرادته حادثة لا في محل.
وقالت الكرامية : إنّ إرادته حادثة في ذاته.
والدليل على ما اختاره المصنف : أن إرادته لو كانت قديمة لزم تعدد القدماء والتالي باطل فالمقدم مثله ، ولو كانت حادثة إمّا في ذاته أو لا في محل لزم التسلسل لأنّ حدوث الإرادة في وقت دون آخر يستلزم ثبوت إرادة مخصصة والكلام فيها كالكلام هنا.
المسألة الخامسة : في أنّه تعالى سميع بصير
قال : والنقلُ دلَّ على اتصافه بالإدراك والعقلُ على استحالة الآلات.
أقول : اتفق المسلمون كافة على أنّه تعالى مدرك (١) ، واختلفوا في معناه فالذي ذهب إليه أبو الحسين أنّ معناه علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات وأثبت الأشعرية وجماعة من المعتزلة صفة زائدة على العلم.
والدليل على ثبوت كونه تعالى سميعاً بصيراً : السمع ، فإنّ القرآن قد
__________________
(١) يطلق المُدرِك ويراد منه تارةً أنّه سبحانه عالم بالمبصرات والمسموعات ، وأُخرى أنّه عالم بالجزئيات ، والثاني أعم.