المسألة الخامسة : في أنّه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي (١)

قال : وارادةُ القبيح قبيحةٌ وكذا ترك ارادةِ الحَسَنِ ، ولِلأمرِ والنهي.

أقول : مذهب المعتزلة أنّ الله تعالى يريد الطاعات من المؤمن والكافر سواء وقعت أو لا ، ويكره المعاصي سواء وقعت أو لا.

وقالت الأشاعرة : كلّ ما هو واقع فهو مراد سواء كان طاعة أو معصية.

والدليل على ما ذهب إليه المعتزلة وجهان :

__________________

(١) العنوان الواقعي لهذه المسألة : تعلّق إرادته سبحانه بأفعال العباد وعدمه ، لا ما ذكره الشارح.

ثمّ إنّه لو أُريد من الإرادة ، القسم التشريعي منها فلم يختلف في ذلك العنوان اثنان ، فالمعتزلي والأشعري متفقان على أنّه سبحانه أمر بالطاعة ونهى عن المعاصي بضرورة الشريعة فلا معنى للنزاع.

وإن أراد القسم التكويني منها ـ كما هو الظاهر ـ فهو غير منطبق على مذهب المعتزلي ، لأنّ مذهبه خروج أفعال العباد عن حريم الإرادة والكراهة التكوينيتين لله سبحانه ولا معنى لتعلق إرادته التكوينية لطاعته ، وكراهيته التكوينية لمعصيته ، لأنّه يستلزم الجبر إذا أطاع العبد ، ومقهورية كراهته سبحانه إذا عصاه العبد ، كل ذلك يعرب عن كون العنوان والتعبير عن مذهب المعتزلة غير واقعين موقعه.

ثمّ إنّ هذه المسألة وإن كانت لها صلة بكون الإنسان مختاراً في فعله أو مجبراً ، لكن ليست عينها ، ولأجل ذلك عاد المصنف إلى الثانية في المسألة السادسة وقال : «والضرورة قاضية باستناد أفعالنا إلينا».

ثمّ إنّ المقام من المواضع التي ترك الماتن فيه مذهبَ الحكماء وأخذ برأي المعتزلة وغفل عن مذهب الإمامية الذي هو مذهبه واستدلّ على رأيهم بأمرين. وحاصل الأوّل : هو أنّ العبد إذا فعل القبيح أو ترك الحسن ، فلو كانا متعلقين بإرادته سبحانه لزم أن يريد فعل القبيح وترك الحسن وكلاهما قبيحان.

۳۰۸۱