بين الأقل والأكثر كما في المثال ، لتنجّز الأمر بقضاء الصلوات الفائتة في الزمان السابق على الشك في أن الفائت هو الأكثر أو الأقل. وأما إذا كان زمان التنجز متحداً مع زمان الشك والتردد ، كما إذا نام وحينما استيقظ شكّ في أن نومه هل استمر يوماً واحداً ليجب عليه قضاء صلوات يوم واحد ، أو أنه طال يومين ليجب عليه قضاء صلوات يومين ، فإن وجوب القضاء لم تتنجز عليه حينئذٍ إلاّ في زمان الشك والتردد ، ولا يكون الاحتمال معه إلاّ احتمال تكليف واقعي لم يصل إلى المكلف ، وليس من احتمال التكليف المتنجّز بوجه ، إذ لم يتنجز عليه شي‌ء قبل هذا الزمان. ومقامنا أيضاً من هذا القبيل ، لأن مفروضنا أن المكلف اعتقد صحة ما أتى به لا عن تقليد أو عن التقليد غير الصحيح ، ولم يعلم أن إعماله مخالفة للواقع ليتنجز عليه قضاؤها وإنما علم بالمخالفة بعد صدورها ، وفي الوقت نفسه يتنجز عليه وجوب القضاء مردداً بين الأقل والأكثر ومعه كيف يكون ذلك من احتمال التكليف المنجز ، إذ في أي وقت تنجز عليه وجوب القضاء ليكون احتماله في زمان الشك والتردد بين الأقل والأكثر احتمالاً للتكليف المنجز ، وإنما هو من احتمال وجود تكليف واقعي وهو مندفع بالبراءة ، وعلى الجملة لم يتنجز عليه وجوب القضاء شيئاً فشيئاً وعلى نحو التدريج في كل يوم كما هو الحال في المثال ، وإنما تنجز عند العلم بالمخالفة وهو زمان الشك والتردد في أن ما فاته هو الأقل أو الأكثر فهو حين توجه التكليف مردد بينهما ، فيدفع احتمال التكليف الزائد بالبراءة فما أفاده قدس‌سره غير منطبق على المقام.

ثانياً : أن ما أفاده لا يرجع إلى محصّل ، لأن التنجز يدور مدار المنجز حدوثاً وبقاءً فيحدث بحدوثه كما أنه يرتفع بارتفاعه ، ومن هنا قلنا بجريان الأُصول في موارد قاعدة اليقين ، لزوال اليقين بالشك الساري لا محالة ومع زواله يرتفع التنجز ، إذ لا معنى للتنجز من غير منجز ، فلا يكون مانع من جريان الأُصول في موردها ، فإذا علم بنجاسة شي‌ء ، ثمّ شك في مطابقة علمه ومخالفته للواقع جرت فيه قاعدة الطهارة ، ولا يعامل معه معاملة النجاسة بوجه ، إذ لا منجز لها بقاء ، وعلى ذلك فالمكلف فيما مثّل به وإن كان علم بوجوب قضاء الصلوات في اليوم الأول ، ولأجله تنجز عليه وجوب القضاء ، إلاّ أنه عند الشك والتردد بين الأقل والأكثر لا علم له بما‌

۳۷۹