معنى التقليد بحسب الأخبار‌

ثمّ إن ما ذكرناه في معنى التقليد ، مضافاً إلى أنه المناسب للمعنى اللغوي قد أُشير إليه في جملة من الروايات كمعتبرة عبد الرحمن بن الحجاج قال : « كان أبو عبد الله عليه‌السلام قاعداً في حلقة ربيعة الرأي ، فجاء أعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه ، فلمّا سكت قال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ولم يردّ عليه شيئاً ، فأعاد المسألة عليه فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هو في عنقه قال أو لم يقل ، وكل مفتٍ ضامن » (١).

وكالأخبار المستفيضة الدالة على أن « من أفتى بغير علم فعليه وزر من عمل به » (٢).

ويؤيد ذلك ما ورد في الحج « من أن كفارة تقليم الأظافر على من أفتى به » (٣) لا على المباشر.

ومن ذلك يستكشف بوضوح أن ما ذكرناه في معنى التقليد هو المعنى المتفاهم العرفي من لفظة التقليد عند إطلاقها ، بل عليه جرت اللغة الدارجة في عصرنا حيث ترى يقولون : قلّدتك الدعاء والزيارة. إذن الاصطلاح الدارج واللغة والعرف متطابقة على أن التقليد هو الاستناد إلى قول الغير في مقام العمل ، هذا.

إلاّ أن صاحب الكفاية قدس‌سره لم يرتض بذلك وذهب إلى أن التقليد هو الأخذ والالتزام ، ومنع عن تفسيره بالعمل استناداً إلى رأي الغير ، نظراً إلى أن التقليد إذا كان نفس العمل على طبق فتوى الغير فأوّل عمل يصدر من المكلف يصدر من غير تقليد ، لأن ذلك العمل غير مسبوق بالتقليد الّذي هو العمل ، مع أن العمل لا بدّ أن يكون مسبوقاً بالتقليد ، لأن المكلف لا بدّ أن يستند في أعماله إلى حجة فكما أن المجتهد يستند إلى اجتهاده وهو أمر سابق على عمله ، كذلك العاميّ لا بدّ أن يستند إلى‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٢٠ / أبواب آداب القاضي ب ٧ ح ٢.

(٢) ورد بهذا المضمون في وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٠ / أبواب صفات القاضي ب ٤.

(٣) ورد بهذا المضمون في وسائل الشيعة ١٣ : ١٦٤ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٣.

۳۷۹