فتوى الأعلم فيحتاج حجية فتوى غير الأعلم إلى دليل.

وأما السيرة العقلائية فهي غير جارية على الرجوع إلى غير الأعلم ، بل قد جرت على الرجوع إلى الأعلم عند العلم بالمخالفة كما هو المشاهد في غير الأحكام من الحِرف والعلوم ، وحيث إن تلك السيرة لم يردع عنها في الشريعة المقدسة فنستكشف بذلك أنها ممضاة عند الشارع.

ويستثنى من ذلك ما إذا كانت فتوى الأعلم على خلاف الاحتياط وكانت فتوى غير الأعلم موافقة له ، كما إذا أفتى الأعلم بالإباحة في مورد وأفتى غير الأعلم بالوجوب ، فإن العقلاء في مثل ذلك وإن كانوا يرجعون إلى غير الأعلم أحياناً إلاّ أنه لا لأن فتواه حجة عندهم ، بل لأنه عمل بالاحتياط فيأتون به برجاء درك الواقع. إذن لا يمكن إسناد ما أفتى به غير الأعلم إلى الله ، والإتيان به بقصد الأمر والوجوب. وهذا الوجه هو الّذي نعتمد عليه في الحكم بوجوب تقليد الأعلم في محل الكلام.

الثاني : ما عن المحقق الثاني قدس‌سره من دعوى الإجماع على عدم جواز الرجوع إلى غير الأعلم.

ويدفعه : أن ذلك من الإجماعات المنقولة وقد بيّنا في محلّه أن الإجماعات المنقولة لا اعتبار بها. على أن المسألة لا يحتمل أن تكون إجماعية كيف وقد ذهب جمع إلى جواز تقليد المفضول كما مرّ. بل لو سلّمنا أن المسألة اتفاقية أيضاً لا يمكننا الاعتماد عليه لاحتمال استنادهم في ذلك إلى بعض الوجوه المستدل بها ومعه لا يكون الإجماع تعبدياً يستكشف به رأي المعصوم عليه‌السلام.

الثالث : الروايات :

منها : مقبولة عمر بن حنظلة الّتي رواها المشايخ الثلاثة قدس‌سرهم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما ، إلى أن قال : فإن كان كل واحد اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم فقال : الحكم‌

۳۷۹