نقائها وقبل الاغتسال ، لأن الحرمة في المثال فعلية بوجود الحائض فعلى القول بجريان الاستصحاب في الأحكام لا مانع من استصحابها للقطع بثبوتها ، وهذا بخلاف المقام لأن الشك فيه إنما هو في سعة الحكم المنشأ وضيقه من دون أن يكون فعلياً في زمان ، ومعه لا يمكن استصحابه لعدم العلم بثبوت الجعل في زمان الشك فيه.

ومن هنا منعنا جريان الاستصحاب في أحكام الشرائع السابقة وعدم النسخ في الشريعة المقدسة ، ولو على القول بجريانه في الأحكام لرجوع الشك حينئذٍ إلى سعة جعل الحكم وضيقه ، وما عن المحدث الأسترآبادي من أن استصحاب عدم النسخ من الضروريات (١) أمر لا أساس له ، فلو وصلت النوبة إلى الشك في النسخ لمنعنا عن جريانه كما عرفت ، إلاّ أنه إنما لا يعتنى باحتماله لإطلاق الأدلة المثبتة للأحكام أو لما دلّ على استمرار أحكام محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يوم القيامة.

والمتحصل : أن ما استدل به على جواز تقليد الميت من الابتداء لا يمكن تتميمه بوجه.

أدلة المانعين‌

وقد استدلوا على عدم جواز تقليد الميت ابتداءً بوجوه :

الأوّل : ما عن جملة من الأعاظم من دعوى الإجماع على عدم الجواز‌ وأن ذلك مما امتازت به الشيعة عن أهل الخلاف ، لأنهم ذهبوا إلى جواز تقليد الأموات ، ومن هنا قلّدوا جماعة منهم في أحكامهم ، ولم تقبل الشيعة ذلك لاشتراطهم الحياة في من يجوز تقليده. وقد بيّنا أن مخالفة المحقق القمي والمحدّثين ليست من المخالفة في محل الكلام وإنما هي مبتنية على مسلكهما الفاسدين ، ولم يظهر ذهابهما إلى جواز تقليد الميت على القول بالانفتاح ، وكون الرجوع إلى المجتهد من الرجوع إلى أهل الخبرة والاطلاع.

وفيه : أن الإجماع المدعى على تقدير تحققه ليس إجماعاً تعبدياً قابلاً لاستكشاف قول المعصوم عليه‌السلام به ، كما إذا وصل إليهم الحكم يداً بيد عنهم عليهم‌السلام لاحتمال أن يستندوا في ذلك إلى أصالة الاشتغال أو إلى ظهور الأدلة في‌

__________________

(١) الفوائد المدنية : ١٤٣.

۳۷۹