إذا لم يقم دليل على عدمه ولا دلالة له على عدم جواز العدول.

الثالث : أن العدول يستلزم أحد أمرين على سبيل منع الخلو‌ ولا يمكن المساعدة على شي‌ء منهما :

أحدهما : التبعيض في المسألة الكلّية.

وثانيهما : نقض آثار الوقائع السابقة.

وتوضيحه : أن أحد المجتهدين إذا أفتى بوجوب القصر على من سافر أربعة فراسخ غير قاصد للرجوع في يومه وأفتى الآخر بوجوب التمام فيه ، فإذا قلّد المكلف أحدهما فقصّر في صلاته ثمّ عدل إلى الآخر وأتم فيها ، فلا يخلو إما أن نلتزم بصحة كلتا صلاتية فمعنى ذلك أنه قلد أحد المجتهدين في واقعة من تلك المسألة وقلد الآخرين في الوقائع المستقبلة منها ، وهو معنى التبعيض في المسألة الكلّية ولا دليل على صحة التقليد في مثله. وإمّا أن نلتزم ببطلان صلاته الّتي أتى بها أوّلاً لأنه قد عدل إلى المجتهد الآخر في كلي المسألة ، ومعنى ذلك الالتزام بانتقاض آثار الأعمال الصادرة على طبق الفتوى السابقة ، ومعه يجب على المكلف إعادة الصلوات الّتي صلاّها قصراً لعدم مطابقتها للحجة الفعلية.

وفيه : أن مورد التقليد والفتوى إنما هو المسألة الكلّية دون كل جزئي من جزئياتها فلا يلزم من العدول التبعيض في المسألة الكلّية ، وإنما يلزم منه نقض آثار الوقائع المتقدمة وهو أمر لا مناص من الالتزام به لمخالفتها لما هو الحجة الفعلية على المكلف ، اللهُمَّ إلاّ أن يقوم دليل على إجزائها ، وهذا لا يقتضي عدم جواز العدول وليس في الالتزام به أي محذور ، كما هو الحال في موارد العدول الواجب على ما بيّناه في الوجه السابق فلاحظ.

الرابع : ما عن المحقق القمي قدس‌سره من دعوى الإجماع على عدم الجواز‌ (١). ويدفعه : أن الإجماع لو كان محصّلاً لم يكن قابلاً للاستدلال به فضلاً عمّا إذا كان من الإجماعات المنقولة الّتي لا نلتزم باعتبارها ، وذلك للقطع ولا أقل من احتمال أن‌

__________________

(١) القوانين ٢ : أواخر باب الاجتهاد والتقليد.

۳۷۹