الثالث : نفوذ قضائه وتصرفاته في أموال القصّر والتصدي لغير ذلك مما هو من مناصب الفقيه الجامع للشرائط.

ثمّ إن المناسب للبحث في المقام إنما هو خصوص الحكم الأول دون الثاني والأخير لأنهما يناسبان بحثي التقليد والقضاء ، حيث يقع فيهما الكلام في أن القاضي ومن يرجع إليه في التقليد هل يعتبر أن يكونا مجتهدين بالفعل أو يكفي كونهما ذا ملكة الاجتهاد وإن لم يستنبطا ولو حكماً واحداً؟ وكذا نتكلم في أن المتجزّي في الاجتهاد هل ينفذ قضاؤه ويجوز أن يتصدى للأُمور الحسبية وأنه هل يجوز تقليده أو أن القاضي ومن يرجع إليه في التقليد يعتبر أن يكونا مجتهدين مطلقين؟ إلاّ أنّا في المقام نشير إلى هذين البحثين أيضاً على نحو الاختصار فنقول :

لا ريب ولا إشكال في أن المجتهد المطلق الّذي قد استنبط جملة وافية من الأحكام يحرم عليه الرجوع إلى فتوى غيره ، ويجوز أن يراجع إليه في التقليد ويتصدى للقضاء ويتصرف في أموال القصّر ونحوه ، وهذا القسم من الاجتهاد هو القدر المتيقن في ترتب الأحكام المذكورة عليه. وإنما الكلام في من له الملكة المطلقة إلاّ أنه لم يتصد للاستنباط أصلاً أو استنبط شيئاً قليلاً من الأحكام ، وفي المتجزّي الّذي يتمكن من استنباط بعض الأحكام دون بعض إذا استنبط جملة منها بالفعل ، فالبحث يقع في مرحلتين :

١ ـ الاجتهاد بالقوة والملكة‌

والكلام فيه من جهات :

الاولى : في جواز رجوعه إلى الغير.

الثانية : في جواز الرجوع إليه.

الثالثة : في نفوذ قضائه وجواز تصدّيه للأُمور الحِسبية.

أمّا الجهة الاولى : فلا يترتب على البحث عنها أية ثمرة إلاّ بالإضافة إلى نفس من له الملكة ليفتي في تلك المسألة بالحرمة أو الجواز ، وذلك لأن صاحب الملكة ليس له أن يقلّد في مسألة جواز رجوع من له الملكة إلى الغير وعدمه ، فإن مشروعية التقليد‌

۳۷۹