تحصيل العلم بالمسألة ، فالتقليد وتحصيل الاجتهاد في عرض واحد ، هذا في غير الواجد للملكة.

وأمّا من له ملكة الاستنباط إذا لم يتصد للاجتهاد بالفعل ، فهل له التقليد من غيره أو يتعيّن عليه الاجتهاد؟ تقدم تفصيل الكلام في ذلك عند التكلم على أقسام الاجتهاد ، وقلنا إن من له الملكة لا يجوز له الرجوع إلى فتوى غيره وذلك لأن مقتضى العلم الإجمالي تنجز الأحكام الواقعية على من له ملكة الاجتهاد ، فلا بدّ عليه من الخروج عن عهدة التكاليف المنجّزة في حقه وتحصيل المؤمّن من العقاب ، ولا ندري أن فتوى الغير حجة في حقه ، وأن عمله على طبقه مؤمّن من العقاب لأنا نحتمل أن يجب عليه العمل على فتوى نفسه ونظره ، ومع الشك في الحجية يرجع إلى أصالة عدم الحجية كما برهنّا عليه في محله (١) وهذا بخلاف الفاقد للملكة لعدم احتمال وجوب الاجتهاد في حقه لما مرّ من أن الاجتهاد واجب كفائي وليس بواجب عيني على المكلفين.

٦ ـ حكم الاجتهاد في نفسه‌

قد ظهر مما سردناه أن الاجتهاد الّذي هو عديل الاحتياط والتقليد واجب عقلي وأنه لا يتّصف بالوجوب الشرعي ( النفسي أو الغيري أو الطريقي ) اللهُمَّ إلاّ بمعنى المعذرية على تقدير الخطأ. هذا في موارد وجود العلم الإجمالي المنجز للأحكام. نعم الاجتهاد في غير موارد العلم الإجمالي والأمارات واجب طريقي لأنه منجّز للواقع حيث لا منجّز سواه ، وكذلك الحال في التقليد والاحتياط.

وأما الاجتهاد في نفسه فهو واجب نفسي كفائي ، لوجوب التحفظ على الأحكام الشرعية وصيانتها عن الاندراس. وإن شئت قلت : إن الاجتهاد بالنظر إلى إعمال نفس المجتهد واجب عقلي والأمر به إرشادي لا محالة ، فإذا فرضنا أن المكلف يتمكن من التقليد والاحتياط تخير بين الأُمور الثلاثة ، كما إذا فرضنا عدم تمكنه منهما بأن لم يكن هناك مجتهد حي يجوز تقليده ولم يجز تقليد الميت ابتداءً وكان الاحتياط مخلاًّ‌

__________________

(١) مصباح الأصول ٢ : ١٠٩.

۳۷۹