الأخذ به والتعبير عنها بالحجية التخييرية إنما هو بمناسبة أن الاختيار بيد المكلف وله أن يأخذ بهذا أو بذاك ، وإذا أخذ بأحدهما كانت حجة تعيينية في حقه ، فليس للمقلّد بعد أن أخذ بفتوى الميت في مسألة البقاء لكونه قد عمل بها في حياته أو تعلّم حكمها أن يعدل إلى الحي ، لأن فتوى الميت قد اتصفت بالحجية التعيينية بأخذها ومعها يجب البقاء في بقية المسائل أيضاً.

وإذا كان فتوى الحي بجواز البقاء بمعنى أن المكلف يتخيّر حدوثاً وبقاءً بين البقاء على تقليد الميت والعدول عنه ، فكما يجوز له أن يعدل إلى الحي بعد موت المجتهد المقلّد أو يبقى على تقليده ، كذلك يجوز له ذلك بعد الأخذ بأحدهما والعمل على طبقه مدّة من الزمان ، جاز للمقلّد العدول إلى الحي وإن رجع إلى الميت في مسألة البقاء لأنه معنى كونه مخيراً بحسب الحدوث والبقاء. وهذا المعنى هو الصحيح وذلك لأن الأخذ بفتوى المجتهد بعد موته وسقوطها عن الحجية بسببه لا يزيد على الأخذ بها في حياته وقبل سقوطها عن الحجية بموته ، فكما أن الأخذ السابق لا يوجب بقاء فتاوى الميت على حجيتها التعيينية بعد موته ، ومن هنا جاز للمقلّد بعد موت المجتهد بل وجب عليه العدول إلى الحي فليكن الأخذ المتأخر عن سقوط فتاواه عن الحجية وموته أيضاً كذلك ، فليس الأخذ بعد موته موجباً لأن يتصف فتاواه بالحجية التعيينية ، فالمقلّد يتخيّر بين العدول والبقاء حدوثاً وبقاءً ومعه إذا رجع إلى الميت في مسألة البقاء ، لم يجب عليه أن يبقى على تقليده في بقية المسائل الفرعية ، بل له أن يعرض عن البقاء في تلك المسألة ويعدل إلى الحي سواء في ذلك بين أن يكون نظر الميت والحي متحدين فيما هو الموضوع للحكم في مسألة البقاء وبين أن يكون مختلفاً فلاحظ ، هذا كلّه في هذه الصور.

اختلاف الحي والميت في مسألة البقاء‌

وأما الصورتان اللّتان وعدنا التعرض لهما بعد الفراغ عن الصور الأربع المتقدمة فهما ما إذا أفتى الحي بجواز البقاء أو بوجوبه وأفتى الميت بحرمته ، فهل للمقلّد أن يبقى على تقليد الميت في مسألة البقاء لحجية فتاواه بفتوى الحي بجواز البقاء أو بوجوبه‌

۳۷۹