[١٤] مسألة ١٤ : إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل يجوز في تلك المسألة الأخذ من غير الأعلم وإن أمكن الاحتياط (١).


راجعاً إلى أقوائية الملاك.

إذن الصحيح في الجواب أن يقال : إن مقامنا هذا ليس من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، وسرّه أن ما سردناه من أن المكلف يتخيّر بينهما لا يستند إلى أن فتواهما حجتان تخييريتان لما تقدم من أنهما ساقطتان عن الحجية بالتعارض ، فليست هناك حجة لتكون الأورعية مرجحة لإحداهما على الأُخرى ، بل يستند إلى ما بيّناه من أن العقل يتنزل إلى الامتثال الاحتمالي عند عدم تمكن المكلف من الامتثال الجزمي ، فالتخيير عقلي ومن الظاهر أن العمل على طبق فتوى الأورع والعمل بفتوى غير الأورع كلاهما امتثال احتمالي فلا موجب لتقدم أحدهما على الآخر بوجه.

(١) ما أسبقناه من وجوب تقليد الأعلم إنما هو فيما إذا كانت له فتوى في المسألة وكانت مخالفة لفتوى غير الأعلم ، وأما إذا لم تكن له فتوى بالفعل لاحتياجها إلى فحص زائد مثلاً كما قد يجاب بذلك في الاستفتاءات ويقال : إن المسألة تحتاج إلى مزيد تأمل ، بحيث لو سألناه عن الحكم في تلك المسألة أجاب بقوله : لا أدري ، فلا مانع من الرجوع إلى فتوى غير الأعلم ، لأنه أيضاً يصدق عليه الفقيه والعالم ، وإنما المانع عن حجيتها فتوى الأعلم بخلافها ، ومع فرض أن الأعلم ليست له فتوى في المسألة ، تشملها إطلاقات الأدلة من الكتاب والسنة ، كما أنه لا مانع من الرجوع إلى غير الأعلم حسب السيرة العقلائية ، لأنه من رجوع الجاهل إلى العالم.

ثمّ لا يخفى أن الأعلم إذا لم يكن له فتوى بالحكم الواقعي في المسألة إلاّ أنه أفتى فيها بالحكم الظاهري ، كما إذا أفتى بوجوب الاحتياط لم يجز للمكلف أن يرجع في ذلك المورد إلى فتوى غير الأعلم لوجود فتوى الأعلم بالاحتياط ، إذ لا يشترط في وجوب تقليده أن تكون له فتوى بالحكم الواقعي ، بل إفتاؤه بالحكم الظاهري أيضاً يمنع عن حجية فتوى غير الأعلم.

نعم ، حكم الأعلم بالاحتياط قد يستند إلى عدم علمه بالحكم الواقعي في المسألة كما في الشبهات قبل الفحص عن الدليل من دون أن يرى فتوى غير الأعلم خطأ ، بل‌

۳۷۹