[٥٦] مسألة ٥٦ : في المرافعات اختيار تعيين الحاكم بيد المدعي (١)


واقعاً في الطرف الآخر ، وكذا الحال فيما إذا كان الحكم الواقعي هو الصحة فإن الأمارة القائمة عند أحدهما على الفساد تستلزم قلب الواقع إلى مؤداها لا محالة وبها تتبدل المعاملة الصحيحة فاسدة واقعاً ، والحكم بالفساد في أحد الطرفين لا يجتمع مع الحكم بالصحة واقعاً في الطرف الآخر ، ومع عدم ثبوت صحتها وفسادها كانت النتيجة هو الفساد ، فلا يمكن الحكم بانتقال الثمن إلى البائع ولا بانتقال المثمن إلى المشتري كما أفاده الماتن قدس‌سره.

وأما بناءً على ما هو الصحيح عند محققي الأصحاب من القول بالطريقية ، فاللاّزم هو الحكم بالصحة عند أحدها حسبما أدت إليه الأمارة القائمة عنده والحكم بالفساد عند الآخر حسبما أداه الطريق القائم عنده كما عرفت.

(١) الوجه فيه : أن إثبات القضية المدّعاة إنما هو على المدعي وهو الّذي يحتاج في ذلك إلى إقامة الحجة والدليل ، وله أن يحتج عليها بما شاء ، ويستدل بأي دليل أراده فالاختيار في ذلك إليه ، وليس للمنكر أن يقترح له الدليل ويعيّن له الحجة في استدلاله بأن يقول : إني لا أقبل قولك إلاّ أن تستدل عليه بدليل كذا ، فإنه أمر غير مسموع لدى العقلاء ولا يعتنون به بوجه ، فإن المنكر لا يروم من المدعي سوى إثبات مدعاه ، سواء في ذلك أن يحتج المدعي بهذا أو بذاك ، كما أن الأمر كذلك في الاستدلالات العلمية ، فإن المخالف في المسألة لا يطالب من المخالف في المسألة إلاّ الدليل ومطلق ما به البيان وليس له أن يطالبه بدليل يقترح له ، بل الاختيار في ذلك إلى المستدل. إذن للمدعي أن يختار أحد الحاكمين ، ويستدل بحكمه ، ويحتج به على مدعاه.

ومن هنا ذكرنا في بحث التفسير أن أمر المعجزة إنما هو بيد مدعي النبوة وأنه ليس للناس أن يقترحوا المعجزة على مدعيها ، وقد ورد في بعض الروايات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما مضمونه أن اقتراح المعجزة غير راجع إلى الناس ، وليس أمر تعيينها بيدهم وإنما ذلك إلى الله فهو الّذي يعيّن معجزة للنبي (١).

__________________

(١) راجع البرهان : تفسير سورة الإسراء الآية ٩٠.

۳۷۹