احتمال الزائد بالبراءة ، لأن التكليف انحلالي ففي غير المقدار المتيقن يرجع إلى الأصل فلا موجب معه للاحتياط ، إلاّ أن ذلك فيما إذا تعلّق الشك بثبوت تكليف واقعي زائداً على المقدار المتيقن. وأما إذا شكّ في وجود تكليف منجّز واصل للمكلف زائداً على القدر المتيقن فهو مورد للاحتياط. وذلك لأن احتمال التكليف المنجَّز منجِّز ، لأنه مساوق لاحتمال الضرر ، ودفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب مما استقل العقل بوجوبه وهذا كما في غالب الفسقة فترى أنه يوماً يترك الصلاة ويعلم بفوات فرائضه ووجوب قضائها لا محالة ثمّ يتركها في اليوم الثاني كذلك فيعلم أيضاً أنه فوّت فرائضه كما يعلم بوجوب قضائها وهكذا في اليوم الثالث والرابع إلى مدة ، ثمّ بعد ذلك يشك في أن القضاء المتنجّز وجوبه عليه في كل يوم بعلمه والتفاته هو المقدار الأقل أو الأكثر فإنه مورد للاحتياط ، لاحتماله زائداً على القدر المتيقن وجود تكليف منجّز آخر وقد عرفت أن احتماله مساوق لاحتمال العقاب ، ووجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب مما لا شبهة فيه لدى العقل.

ولا يقاس ذلك بمثل ما إذا تردد الدين بين الأقل والأكثر ، لأن الشك في مثله إنما هو في أصل توجه التكليف بالمقدار الزائد ، لعدم علمه أن ما أخذه من الدائن مرّة واحدة خمسة دراهم أو ستة مثلاً وهذا بخلاف المقام ، لاحتمال أن يكون هناك تكليف منجّز واصل في وقته ، إذ التكليف بقضاء الصلوات المتعددة تدريجي لا محالة ، لأن موضوعه وهو الفوت أي فوت الصلوات المتعددة ، من الأُمور التدريجية فإن المكلّف يأتي بصلاته في هذا اليوم لا عن التقليد الصحيح أو من دون تقليد فيعلم بفواتها فيكلّف بقضاء ما فاتته في ذلك اليوم ، ثمّ إذا أتى اليوم الثاني أيضاً يفوت صلاته فيكلّف بقضاء ما فاته في ذلك اليوم وهكذا في اليوم الثالث والرابع ، وبعد برهة مضت كذلك يتردد في أن القضاء المتنجّز وجوبه في حقّه هو المقدار الأقل أو الأكثر فهو من الشك في وجود تكليف زائد متنجّز واصل ومعه يكون المورد مورداً للاشتغال ، فإن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية فلا بدّ حينئذٍ من القضاء بمقدار يتيقّن معه بالفراغ. ويتوجه عليه :

أوّلاً : أن ما أفاده لو تمّ فإنما يتم فيما إذا كان التنجّز سابقاً على زمان الشك والتردد‌

۳۷۹