بعد تعذر الأمر السابق عليه؟

الكلام في ذلك يقع في جهات :

الاولى : أن المتمكن من الاجتهاد والتقليد هل له أن يمتثل بالاحتياط فهو في عرض الأولين أو أنه في طولهما؟

يأتي تحقيق ذلك عند التكلم على مشروعية الاحتياط ، ونبيّن هناك أن الاحتياط والامتثال الإجمالي في عرض الامتثال التفصيلي بالاجتهاد أو التقليد ، والمكلف مخير بينهما في مقام الامتثال فلا تقدم لهما على الاحتياط.

الثانية : أن المتمكن من الاحتياط هل له الامتثال بالتقليد أو الاجتهاد‌

وأنهما في عرضه أو أن الامتثال بهما إنما هو في فرض العجز عن الاحتياط بمعنى أنهما في طول الامتثال به؟

قد يحتمل في المقام أن الاحتياط أعني الإتيان بجميع المحتملات الموجب للقطع بالامتثال مقدّم على الاجتهاد والتقليد ، لعدم كونهما موجبين للجزم بامتثال الحكم الواقعي وغاية الأمر أنهما يوجبان الظن به ، ولا شبهة في أن الامتثال القطعي مقدّم على الظني لدى العقل وإن كان القطعي إجمالياً والظني تفصيلياً.

ويدفعه : أن الشارع بعد ما نزّل الأمارات الظنية منزلة العلم بأدلة اعتبارها ، لم ير العقل أي فرق بين الامتثال الموجب للقطع الوجداني بالفراغ بالإتيان بجميع المحتملات ، وبين الامتثال القطعي التعبدي بالإتيان بما قامت الحجة على وجوبه ، هذا إذا كان الاحتياط أمراً سائغاً ومأموراً به شرعاً ، وأما إذا كان مبغوضاً لاستلزامه الإخلال بالنظام أو لم يكن مأموراً به لكونه عسراً أو حرجياً ، فلا إشكال في عدم كفايته للامتثال أو عدم وجوب اختياره ، ومعه لا بدّ من الاجتهاد أو التقليد.

الثالثة : أن الاجتهاد هل هو مقدم على التقليد أو أنهما في عرض واحد؟

لا شبهة في عدم وجوب التصدي لتحصيل ملكة الاجتهاد لما يأتي قريباً من أن الاجتهاد ليس بواجب عيني على المكلفين ، بل المكلف له أن يرجع إلى فتوى من يجوز تقليده لأنه مقتضى إطلاق أدلة التقليد ، وللسيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع عنها في الشريعة المقدسة الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم وإن كان متمكناً من‌

۳۷۹