مضت من بلوغه سنة واحدة مثلاً وأنه كان مكلفاً فيها بالصلاة ولكنه فاتت عنه جملة من صلواتها وهي مرددة بين الأقل والأكثر. أو علم أنه مدة معينة كان يأتي بأعماله من دون تقليد أو عن التقليد غير الصحيح ، ولا يدري أن إعماله الّتي أتى بها وهي مخالفة لفتوى المجتهد الفعلي أيّ مقدار ، للجزم بأنه لم يأت بتمام أعماله مطابقاً للتقليد غير الصحيح. وهذه الصورة هي محط الكلام ، والصحيح أنه يقتصر بقضاء المقدار الّذي تيقن فواته وبطلانه وأما الزائد المشكوك فيه فيدفع وجوب القضاء فيه بالبراءة ، وذلك لأن القضاء بالأمر الجديد ، وموضوعه الفوت وهو مشكوك التحقق في المقدار الزائد عن القدر المتيقن ، والأصل عدم توجه التكليف بالقضاء زائداً على ما علم بفوته وتوضيحه :

أن المكلّف في محل الكلام وإن علم بتنجز التكليف عليه سنة واحدة وكان يجب أن يصلّي في تلك المدة مع التيمم مثلاً لا مع الوضوء ، إلاّ أنه عالم بسقوط هذا التكليف في كل يوم للقطع بامتثاله أو عصيانه ، فسقوط التكليف المنجّز معلوم لا محالة وإنما الشك في سببه ، وأنه الامتثال أو العصيان لأنه جاهل مقصّر على الفرض ، وحيث إن القضاء بأمر جديد ، وموضوعه الفوت وهو معلوم التحقق في مقدار معيّن ، والزائد عليه مشكوك ، فالشك في وجوب قضائه شك في توجه التكليف الزائد فيدفع بالبراءة.

واستصحاب عدم الإتيان بالمأمور به في المدة الزائدة لا يترتب عليه إثبات عنوان الفوت كما مرّ غير مرّة. نعم ، لو قلنا إن الفوت أمر عدمي وهو عين عدم الإتيان بالمأمور به ، أو قلنا إن القضاء بالأمر الأول وجب قضاء أعماله بمقدار يتيقن معه بالبراءة وذلك لاستصحاب عدم الإتيان في المقدار الزائد المشكوك فيه ، أو لقاعدة الاشتغال. ولكن الصحيح أن الفوت أمر وجودي ولا أقل من الشك في ذلك وهو كاف فيما ذكرناه كما أن القضاء بالأمر الجديد ، هذا كلّه في الدليل على ما اخترناه من جواز الاقتصار على المقدار المتيقن وعدم وجوب الإتيان بالزائد المشكوك فيه.

وأما الوجه في الحكم بلزوم القضاء بمقدار يقطع معه بالفراغ فهو ما نسب إلى المحقق صاحب الحاشية قدس‌سره وحاصله : أن في موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين مقتضى القاعدة وإن كان هو الاقتصار بالمقدار المتيقن ودفع‌

۳۷۹