عليه إعادتها أو قضاؤها حتى إذا كانت المخالفة في غير الأركان ، لما تقدم من أن حديث لا تعاد غير شامل للجاهل المقصّر ، وإن اعتقد صحة عمله فإن علم بالمقدار الّذي تجب إعادته أو قضاؤه فهو ، وأما إذا شكّ في مقداره وترددت الفائتة وأعماله المحكومة بالبطلان بين الأقل والأكثر ، فهل يجوز أن يقتصر في قضائها بالمقدار المتيقن ويدع قضاء ما يشك في فوته وبطلانه أو لا بدّ من أن يأتي بمقدار يظن معه بالبراءة أو بمقدار يتيقّن معه بالفراغ؟ فيه وجوه وأقوال ذهب إلى كل فريق.

والظاهر أن محل الكلام في كل مورد تردد فيه أمر الواجب بين الأقل والأكثر هو ما إذا علم بتنجز التكليف على المكلّف في زمان وتردد بين الأقل والأكثر لا ما إذا شكّ في أصل ثبوته ، كما إذا علم أنه لم يصلّ من حين بلوغه إلى اليوم ، ولم يدر أنه مضى من بلوغه شهر واحد ليجب عليه قضاء صلوات شهر واحد أو أنه مضى شهران ليجب قضاء صلوات شهرين ، فإن الشك في مثله إنما يرجع إلى أصل توجه التكليف بالزائد على قضاء صلوات شهر واحد ، ومثله ما لو نام مدة فاتته فيها صلوات ثمّ انتبه ولم يدر مقدارها.

والوجه في خروج أمثال ذلك مما هو محل الكلام مع أن الواجب فيها مردد بين الأقل والأكثر ، هو أن الظاهر أن عدم وجوب القضاء زائداً عن المقدار المتيقن في تلك الموارد مما لا خلاف فيه فإن الشك فيه من الشك في التكليف بقضاء الزائد عن المقدار المتيقن ، وهو مورد للبراءة سواء قلنا إن القضاء بأمر جديد أم قلنا إنه مستند إلى الأمر الأول ، وسواء كان موضوعه الفوت أو عدم الإتيان بالمأمور به في وقته. ومع رفع احتمال الزيادة بالبراءة لا يبقى للقول بوجوب القضاء حتى يظن بالفراغ أو يتيقّن به مجال. وإذا جرت البراءة عن الزائد على القدر المتيقن في المثال مع العلم بفوات جملة من الفرائض فيه بالوجدان جرت عن الزائد على القدر المتيقن في المقام الّذي لا علم وجداني لنا بالفوات فيه وإنما هو محتمل واقعاً بحسب فتوى المجتهد بطريق أولى.

والظاهر أن القائلين بوجوب القضاء حتى يظن أو يقطع بالفراغ أيضاً غير قاصدين لتلك الصورة ، وإنما النزاع في المقام فيما إذا كان التكليف متنجّزاً وذلك كما إذا علم أنه‌

۳۷۹