من المقيد ، فإن المخصص المنفصل إذا كان مجملاً اقتصر في تخصيص العموم به على المقدار المتيقن منه ، وهو المنذر الّذي لا يستقيم في أعماله للقطع بعدم جواز تقليده لأنه مقتضى دليل المقيد والمخصص.

وأما إذا كان مستقيماً في أعماله ولم ينحرف عن جادة الشرع يميناً ولا شمالاً غير أن استقامته لم تكن عن ملكة نفسانية فنشك في تقييد المطلقات به ، ومع الشك في التخصيص والتقييد الزائدين يتمسك بعموم العام أو إطلاق المطلق ، وبه يحكم بجواز التقليد ممن له الاستقامة العملية وإن لم يكن واجداً للملكة النفسانية بوجه.

الثاني : الأخبار الواردة في أن إمام الجماعة يشترط فيه الوثوق بدينه (١) فإن المستفاد من تلك الأخبار أن العدالة المعتبرة في مثل إمام الجماعة يعتبر فيها الوثوق بالديانة ولا يحصل الوثوق بها بالاستقامة العملية المجردة عن الملكة ، فإن من ترك المحرمات وأتى بالواجبات لا عن ملكة لا يمكننا الوثوق بدينه ، لأنه من الجائز أن يرتكب مثله المعصية في المستقبل ويخالف أمر الله ونهيه ، وهذا بخلاف ما إذا عمل عن ملكة نفسانية إذ معها يمكننا الوثوق بدينه.

والجواب عن ذلك : المنع عن عدم حصول الوثوق بدين من نرى أنه يأتي بواجباته ويترك المحرمات ، لأنّا إذا عاشرناه مدّة ورأينا أنه يخاف حيواناً من الحيوانات المؤذية أو أنه يخاف الجن مثلاً ولا يتمكن من الدخول في موضع فيه ذلك الحيوان ولا يسكن مكاناً خالياً من الانس ، وقد مرت على ذلك برهة من الزمان علمنا علماً جزمياً أن الرجل يخاف من ذلك الحيوان أو الجن في الأزمنة المستقبلة ، ويحصل لنا الوثوق بذلك في حقه. وكذلك الحال فيما إذا عاشرناه مدة ورأينا يخاف الله سبحانه ولا يرتكب‌

__________________

(١) منها ما رواه أبو علي بن راشد قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إن مواليك قد اختلفوا فأُصلي خلفهم جميعاً؟ فقال : لا تصل الاخلف من تثق بدينه. وفي رواية الشيخ ، زاد : وأمانته. المروية في وسائل الشيعة ٨ : ٣٠٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٢ وما رواه يزيد بن حماد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال قلت له : أُصلي خلف من لا أعرف؟ فقال : لا تصل إلاّ خلف من تثق بدينه الحديث. المروية في وسائل الشيعة ٨ : ٣١٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٢ ح ١ وغيرهما من الروايات.

۳۷۹