وكونه مجتهداً مطلقاً فلا يجوز تقليد المتجزي (١)


والنبوة ، فهل تكون منافية لمنصب الإفتاء الّذي هو دونهما كما لا يخفى.

٧ ـ الاجتهاد المطلق :

(١) قد قدمنا الكلام في ذلك عند التكلم على الاجتهاد (١) وذكرنا أن المتجزي ليس له أن يرجع إلى الغير في أعمال نفسه ، لأنه عالم فيما استنبطه ورجوعه إلى غيره من رجوع العالم إلى العالم ، لا من رجوع الجاهل إليه ، ولا مسوّغ للتقليد في مثله وكيف يمكن دعوى جواز رجوعه إلى من يرى خطأه واشتباهه ، لأن مرجعه إلى أنه مع علمه ببطلان صلاته مثلاً يجب أن يبني على صحتها لرجوعه إلى فتوى من يراها صحيحة ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به ، هذا بحسب السيرة.

وأما الأدلة اللفظية فقد أسبقنا هناك أن أدلة جواز التقليد واتباع فتوى الغير مختصة بمن لم يتمكن من تحصيل الحجة على الحكم الشرعي ، فما ظنك بالمتجزي الّذي قد حصّلها بالفعل في مورد أو موردين أو أكثر.

وأما جواز الرجوع إليه فقد منع عنه الماتن بقوله : وكونه مجتهداً مطلقاً فلا يجوز تقليد المتجزي. وما أفاده قدس‌سره بناء على الاستدلال على وجوب التقليد بدليل الانسداد هو الصحيح ، وذلك لأن بطلان غير التقليد من الطرق وانسدادها على العامّي المقلّد يقتضي وجوب رجوعه إلى عالم ما ، إذ النتيجة جزئية ، والمقدار المتيقن منها هو الرجوع إلى المجتهد المطلق دون المتجزي كما أفاده.

كما أن الحال كذلك فيما لو استدللنا على وجوبه بالأدلة اللفظية من الكتاب والسنّة لأن قوله عزّ من قال ﴿ فَلَوْ لا نَفَرَ ... (٢) دلّ على أن الحذر إنما يجب عند إنذار المنذر الفقيه ، ولا دلالة لها بوجه على وجوبه عند إنذار كل منذر وإن لم يصدق أنه فقيه. كما أن الأخبار الآمرة بالرجوع إلى أشخاص معينين دلتنا على الرجوع إلى يونس بن عبد الرحمن وأمثاله من أكابر الفقهاء والرواة ، ولم تدلنا على جواز الرجوع إلى من‌

__________________

(١) راجع ص ٢١.

(٢) التوبة ٩ : ١٢٢.

۳۷۹