والحرية ـ على قول ـ (١)


مقتضى الرئاسة للمسلمين ، ولا يرضى الشارع بجعل المرأة نفسها معرضاً لذلك أبداً كيف ولم يرض بامامتها للرجال في صلاة الجماعة فما ظنك بكونها قائمة بأمورهم ومديرة لشؤون المجتمع ومتصدية للزعامة الكبرى للمسلمين.

وبهذا الأمر المرتكز القطعي في أذهان المتشرعة يقيد الإطلاق ، ويردع عن السيرة العقلائية الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم مطلقاً رجلاً كان أو امرأة.

٦ ـ الحرية :

(١) لا يمكننا المساعدة على هذا الاشتراط سواء استندنا في مسألة جواز التقليد إلى السيرة العقلائية أم إلى الأدلة اللفظية ، أما إذا استندنا إلى السيرة فلأجل أن العقلاء يراجعون فيما يجهلونه إلى العالم به ، ولا يفرّقون في ذلك بين العبيد والأحرار ، وهذا أمر غير قابل للتردد فيه ، لأنه المشاهد من سيرتهم بوضوح.

وأما إذا اعتمدنا على الأدلة اللفظية فلأن قوله عزّ من قائل ﴿ فَلَوْ لا نَفَرَ ... (١) يدلنا على وجوب التحذر عند إنذار الفقيه ولم يقيد ذلك بما إذا كان المنذر حراً. وكذا الحال في غيرها من الأدلة اللفظية ، ومقتضى إطلاقها عدم اعتبار الحرية في المقلّد.

ولا يأتي في المقام ما أشرنا إليه في شرطية العدالة ويأتي تفصيله عند التكلم على طهارة المولد (٢) من أن المرتكز في أذهان المتشرعة أن من كان به منقصة دينية أو دنيوية مسقطة له عن الوقار والأنظار لا يجوز أن يتصدى للمرجعية والإفتاء ، لأنه من أعظم المناصب الإلهية بعد الولاية ، ولا يرضى الشارع أن يتصداها من له منقصة كما مرّ ، وذلك لأن العبودية ليست منقصة بوجه ، فإن العبد قد يكون أرقى مرتبة من غيره ، بل قد يكون ولياً من أولياء الله سبحانه كما كان بعض العبيد كذلك. وقد يبلغ العبد مرتبة النبوة كلقمان. فإذا لم تكن العبودية منافية لشي‌ء من مرتبتي الولاية‌

__________________

(١) التوبة ٩ : ١٢٢.

(٢) في ص ١٩٦.

۳۷۹