الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على الدنيا وحرامها ، فمن قلّد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الّذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه إلى أن قال وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلهم.

وحاصل كلامه عليه‌السلام لو صحت الرواية : أن التقليد إنما يجوز ممن هو مورد الوثوق ومأمون عن الخيانة والكذب والاعتماد على قوله واتباع آرائه غير مذموم عند العقلاء وذلك كما إذا لم يعلموا منه الكذب الصراح وأكل الحرام. وهذا كما ترى لا دلالة له على اعتبار العدالة في المقلّد ، لأن الوثاقة كافية في صحة الاعتماد على قوله فإن بالوثوق يكون الرجوع إليه صحيحاً عند العقلاء ، وعلى الجملة أن الرواية لا دلالة لها على اعتبار العدالة في المقلّد.

على أنّا لو سلمنا دلالة الرواية على اعتبار العدالة في المفتي بحسب الحدوث فلا دلالة لها على اعتبارها فيه بقاءً ، كما إذا قلّده حال عدالته ثمّ طرأ عليه الفسق والانحراف ، هذا.

إلاّ أن مقتضى دقيق النظر اعتبار العقل والإيمان والعدالة في المقلّد بحسب الحدوث والبقاء ، والوجه في ذلك أن المرتكز في أذهان المتشرعة الواصل ذلك إليهم يداً بيد عدم رضى الشارع بزعامة من لا عقل له أو لا ايمان أو لا عدالة له ، بل لا يرضى بزعامة كل من له منقصة مسقطة له عن المكانة والوقار ، لأن المرجعية في التقليد من أعظم المناصب الإلهية بعد الولاية ، وكيف يرضى الشارع الحكيم أن يتصدى لمثلها من لا قيمة له لدى العقلاء والشيعة المراجعين إليه ، وهل يحتمل أن يرجعهم إلى رجل يرقص في المقاهي والأسواق أو يضرب بالطنبور في المجامع والمعاهد ويرتكب ما يرتكبه من الأفعال المنكرة والقبائح ، أو من لا يتديّن بدين الأئمة الكرام ويذهب إلى مذاهب باطلة عند الشيعة المراجعين إليه. فإن المستفاد من مذاق الشرع الأنور عدم رضى الشارع بامامة من هو كذلك في الجماعة ، حيث اشترط في إمام الجماعة العدالة فما ظنّك بالزعامة العظمى الّتي هي من أعظم المناصب بعد الولاية.

إذن احتمال جواز الرجوع إلى غير العاقل أو غير العادل مقطوع العدم ، فالعقل والإيمان ، والعدالة معتبرة في المقلّد حدوثاً ، كما أنها معتبرة فيه بحسب البقاء لعين ما‌

۳۷۹