رواة وعمل به وترك العمل بقليل الرواة. فإن كان رواتهما متساويين في العدد والعدالة عمل بأبعدهما من قول العامّة وترك العمل بما يوافقهم. وإن كان الخبران موافقين للعامّة أو مخالفين لهم نظر في حالهما : فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه وضرب من التأويل وإذا عمل بالخبر الآخر لا يمكن العمل بهذا الخبر ، وجب العمل بالخبر الذي يمكن مع العمل به العمل بالخبر الآخر ؛ لأنّ الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما ، وليس هنا قرينة تدلّ على صحّة أحدهما ، ولا ما يرجّح أحدهما على الآخر ، فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن ، ولا يعمل بالخبر الذي إذا عمل به وجب اطّراح العمل بالآخر. وإن لم يمكن العمل بهما جميعا لتضادّهما وتنافيهما ، أو أمكن (١) حمل كلّ واحد منهما على ما يوافق الآخر على وجه ، كان الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء (٢) ، انتهى.
وهذا كلّه كما ترى ، يشمل حتّى تعارض العامّ والخاصّ مع الاتّفاق فيه على الأخذ بالنصّ.
وقد صرّح في العدّة ـ في باب بناء العامّ على الخاصّ ـ : بأنّ الرجوع إلى الترجيح والتخيير إنّما هو في تعارض العامّين دون العامّ والخاصّ ، بل لم يجعلهما من المتعارضين أصلا. واستدلّ على العمل بالخاصّ بما حاصله : أنّ العمل بالخاصّ ليس طرحا للعامّ ، بل حمل له على ما يمكن أن يريده الحكيم ، وأنّ العمل بالترجيح والتخيير فرع
__________________
(١) في المصدر : «وأمكن».
(٢) العدّة ١ : ١٤٧ ـ ١٤٨.