الترجيح بمخالفة العامّة
الخبر صادرا على وجه المصلحة المقتضية لبيان خلاف حكم الله الواقعي : من تقيّة أو نحوها من المصالح. وهي وإن كانت غير محصورة في الواقع إلاّ أنّ الذي بأيدينا أمارة التقيّة ، وهي : مطابقة ظاهر الخبر لمذهب أهل الخلاف ، فيحتمل صدور الخبر تقيّة عنهم عليهمالسلام احتمالا غير موجود في الخبر الآخر.
قال في العدّة : إذا كان رواة الخبرين متساويين في العدد عمل بأبعدهما من قول العامّة وترك العمل بما يوافقه (١) ، انتهى.
وقال المحقّق في المعارج ـ بعد نقل العبارة المتقدّمة عن الشيخ ـ :
والظاهر أنّ احتجاجه في ذلك برواية رويت عن الصادق عليهالسلام (٢) ، وهو إثبات مسألة علميّة بخبر الواحد. ولا يخفى عليك ما فيه ، مع أنّه قد طعن فيه فضلاء من الشيعة كالمفيد وغيره (٣).
فإن احتجّ بأنّ الأبعد لا يحتمل إلاّ الفتوى ، والموافق للعامّة يحتمل التقيّة ، فوجب الرجوع إلى ما لا يحتمل.
قلنا : لا نسلّم أنّه لا يحتمل إلاّ الفتوى ؛ لأنّه كما جاز الفتوى لمصلحة يراها الإمام عليهالسلام ، كذلك يجوز الفتوى بما يحتمل التأويل لمصلحة يعلمها الإمام عليهالسلام وإن كنّا لا نعلم ذلك.
فإن قال : إنّ ذلك يسدّ باب العمل بالحديث.
قلنا : إنّما نصير إلى ذلك على تقدير التعارض وحصول مانع يمنع
__________________
(١) العدّة ١ : ١٤٧.
(٢) لعلّ مقصوده مقبولة ابن حنظلة المتقدّمة في الصفحة ٥٧.
(٣) انظر مبحث الظنّ ١ : ٢٤٠.