ولا يعارضها عدا ما في مرفوعة زرارة الآتية (١) ـ المحكيّة عن عوالي اللآلي ـ الدالّة على الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة.
وهي ضعيفة جدّا ، وقد طعن في ذلك التأليف (٢) وفي مؤلّفه ، المحدّث البحراني قدسسره في مقدّمات الحدائق (٣).
أخبار التوقّف والجواب عنها
وأمّا أخبار التوقّف الدالّة على الوجه الثالث ـ من حيث إنّ التوقّف في الفتوى يستلزم الاحتياط في العمل ، كما في ما لا نصّ فيه ـ فهي محمولة على صورة التمكّن من الوصول إلى الإمام عليهالسلام ، كما يظهر من بعضها. فيظهر منها : أنّ المراد ترك العمل وإرجاء الواقعة إلى لقاء الإمام عليهالسلام ، لا العمل بها بالاحتياط.
ثمّ إنّ حكم الشارع في تلك الأخبار بالتخيير في تكافؤ الخبرين لا يدلّ على كون حجّيّة الأخبار من باب السببيّة بتوهّم أنه لو لا ذلك (٤) لأوجب التوقّف ؛ لقوّة احتمال أن يكون التخيير حكما ظاهريّا عمليّا في مورد التوقّف ، لا حكما واقعيّا ناشئا من تزاحم الواجبين ، بل الأخبار المشتملة على الترجيحات وتعليلاتها أصدق شاهد على ما استظهرناه : من كون حجّيّة الأخبار من باب الطريقيّة ، بل هو أمر واضح. ومراد من جعلها من باب السببيّة (٥) عدم إناطتها بالظنّ الشخصيّ ، كما يظهر (٦)
__________________
(١) تأتي في الصفحة ٦٢.
(٢) لم ترد «التأليف» في (ظ).
(٣) الحدائق ١ : ٩٩.
(٤) كذا في (ص) ومصححة (ه) ، وفي غيرهما بدل «بتوهّم أنّه لو لا ذلك» : «وإلاّ».
(٥) كذا في (ص) ، وفي غيرها بدل «السببيّة» : «الأسباب».
(٦) كذا في النسخ ، والمناسب : «كما تظهر» ؛ لرجوع الضمير إلى الإناطة.