عمومه حقيقة ، ولا يجوز العدول إلى المجاز مع إمكان الاستعمال على وجه الحقيقة ، وهو هنا ممكن في عموم الذهب والفضّة فيتعيّن ، وإنّما صرنا إلى التخصيص في الأوّل لتعيّنه على كلّ تقدير.
فإن قيل : إذا كان التخصيص يوجب المجاز وجب تقليله ما أمكن ؛ لأنّ كلّ فرد يخرج يوجب زيادة المجاز في الاستعمال ، حيث كان حقّه أن يطلق على جميع الأفراد ، وحينئذ فنقول : قد تعارض هنا مجازان ، أحدهما : في تخصيص الذهب والفضّة بالدنانير والدراهم ، والثاني : في زيادة تخصيص العامّ الأوّل بمطلق الذهب والفضّة على تقدير عدم تخصيصهما بالدنانير والدراهم ، فترجيح أحد المجازين على الآخر ترجيح من غير مرجّح ، بل يمكن ترجيح تخصيص الذهب والفضّة ؛ لأنّ فيه مراعاة قوانين التعارض بينه وبين ما هو أخصّ منه.
قلنا : لا نسلّم التعارض بين الأمرين ؛ لأنّ استعمال العامّ الأوّل على وجه المجاز حاصل على كلّ تقدير إجماعا ، وزيادة التجوّز في الاستعمال لا يعارض به أصل التجوّز في المعنى الآخر ، فإنّ إبقاء الذهب والفضّة على عمومهما استعمال حقيقيّ ، فكيف يكافيه مجرّد تقليل التجوّز مع ثبوت أصله؟! وبذلك يظهر بطلان الترجيح بغير مرجّح ؛ لأنّ المرجّح حاصل في جانب الحقيقة.
هذا ما يقتضيه الحال من الكلام على هذين الوجهين ، وبقي فيه مواضع تحتاج إلى تنقيح (١) ، انتهى.
نظريّة المصنّف في الجمع بين الأدلّة الواردة في ضمان العارية
أقول : الذي يقتضيه النظر ، أنّ النسبة بين روايتي الدراهم
__________________
(١) المسالك ٥ : ١٥٥ ـ ١٥٨.