الناقل ، بل حكي هذا القول عن جمهور الاصوليّين (١) ، معلّلين ذلك : بأنّ الغالب فيما يصدر من الشارع الحكم بما يحتاج إلى البيان ولا يستغنى عنه بحكم العقل ، مع أنّ الذي عثرنا عليه في الكتب الاستدلاليّة الفرعيّة الترجيح بالاعتضاد بالأصل ، لكن لا يحضرني الآن مورد لما نحن فيه ـ أعني المتعارضين الموافق أحدهما للأصل ـ فلا بدّ من التتبّع.

تعارض المبيح والحاظر

ومن ذلك : كون أحد الخبرين متضمّنا للإباحة والآخر مفيدا للحظر ، فإنّ المشهور تقديم الحاظر على المبيح (٢) ، بل يظهر من المحكيّ عن بعضهم عدم الخلاف فيه (٣).

وذكروا في وجهه ما لا يبلغ حدّ الوجوب ، ككونه متيقّنا في العمل ؛ استنادا إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٤) ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما اجتمع الحلال والحرام إلاّ غلب الحرام الحلال» (٥).

وفيه : أنّه لو تمّ هذا الترجيح لزم الحكم بأصالة الحرمة عند دوران الأمر بينها وبين الإباحة ؛ لأنّ وجود الخبرين لا مدخل له في هذا الترجيح ؛ فإنّه من مرجّحات أحد الاحتمالين ، مع أنّ المشهور تقديم

__________________

(١) حكاه في غاية البادئ (مخطوط) : ٢٨٩ ، وانظر مفاتيح الاصول : ٧٠٥.

(٢) انظر مفاتيح الاصول : ٧٠٨.

(٣) حكاه في مفاتيح الاصول عن الفاضل الجواد ، راجع المفاتيح : ٧٠٨ ، وغاية المأمول (مخطوط) : الورقة ٢٢٠.

(٤) الوسائل ١٨ : ١٢٢ و ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٨ و ٥٦.

(٥) مستدرك الوسائل ١٣ : ٦٨ ، الحديث ٥.

۳۵۲۱