القطعيّة ؛ لأنّ حجّيّتها إنّما هي من حيث صفة القطع ، والقطع بالمتنافيين أو بأحدهما مع الظنّ بالآخر غير ممكن.
ومنه يعلم : عدم وقوع التعارض بين دليلين يكون حجّيّتهما باعتبار صفة الظنّ الفعليّ ؛ لأنّ اجتماع الظنّين بالمتنافيين محال ، فإذا تعارض سببان للظنّ الفعليّ ، فإن بقي الظنّ في أحدهما فهو المعتبر ، وإلاّ تساقطا.
وقولهم : «إنّ التعارض لا يكون إلاّ في الظنّين» ، يريدون به الدليلين المعتبرين من حيث إفادة نوعهما الظنّ. وإنّما أطلقوا القول في ذلك ؛ لأنّ أغلب الأمارات بل جميعها ـ عند جلّ العلماء ، بل ما عدا جمع ممّن قارب عصرنا (١) ـ معتبرة من هذه الحيثيّة ، لا لإفادة الظنّ الفعليّ بحيث يناط الاعتبار به.
ومثل هذا في القطعيّات غير موجود ؛ إذ ليس هنا ما يكون اعتباره من باب إفادة نوعه القطع ؛ لأنّ هذا يحتاج إلى جعل الشارع ، فيدخل حينئذ في الأدلّة الغير القطعيّة ؛ لأنّ الاعتبار في الأدلّة القطعيّة من حيث صفة القطع ، وهي في المقام منتفية ، فيدخل في الأدلّة الغير القطعيّة (٢).
__________________
(١) مثل : الوحيد البهبهاني ، وكذا المحقّق القمي الذي قال بحجّية الأمارات من جهة دليل الانسداد ، انظر الرسائل الاصولية : ٤٢٩ ـ ٤٣٤ ، والفوائد الحائرية : ١١٧ ـ ١٢٥ ، والقوانين ١ : ٤٤٠ ، و ٢ : ١٠٢.
(٢) لم ترد «لأنّ الاعتبار ـ إلى ـ الغير القطعيّة» في (ظ) ، وفي (ه) كتب عليها : «زائد» ، وفي (ت) كتب عليها : «نسخة بدل».