«يجب إكرام العلماء» و «يحرم إكرام فسّاق العلماء» و «يكره إكرام عدول العلماء» فإنّ اللازم من تخصيص العامّ بهما بقاؤه بلا مورد ، فحكم ذلك كالمتباينين ، لأنّ مجموع الخاصّين مباين للعامّ.
ما توهّمه بعض المعاصرين
وقد توهّم بعض من عاصرناه (١) ، فلاحظ العامّ بعد تخصيصه ببعض الأفراد بإجماع ونحوه مع الخاصّ المطلق الآخر ، فإذا ورد «أكرم العلماء» ، ودلّ من الخارج دليل على عدم وجوب إكرام فسّاق العلماء ، وورد أيضا «لا تكرم النحويّين» كانت النسبة على هذا بينه وبين العامّ ـ بعد إخراج الفسّاق ـ عموما من وجه.
ولا أظنّ يلتزم بذلك فيما إذا كان الخاصّان دليلين لفظيّين ؛ إذ لا وجه لسبق ملاحظة العامّ مع أحدهما على ملاحظته مع الآخر.
وإنّما يتوهّم ذلك في العامّ المخصّص بالإجماع أو العقل ؛ لزعم أنّ المخصّص المذكور يكون كالمتّصل ، فكأنّ العامّ استعمل فيما عدا ذلك الفرد المخرج ، والتعارض إنّما يلاحظ بين ما استعمل فيه لفظ كلّ من الدليلين ، لا بين ما وضع له اللفظ وإن علم عدم استعماله فيه (٢) ، فكأنّ المراد بالعلماء في المثال المذكور عدولهم ، والنسبة بينه وبين النحويّين عموم من وجه.
دفع التوهّم الذكور
ويندفع : بأنّ التنافي في المتعارضين إنّما يكون بين ظاهري الدليلين ، وظهور الظاهر إمّا أن يستند إلى وضعه ، وإمّا أن يستند إلى
__________________
(١) هو الفاضل النراقي في مناهج الأحكام : ٣١٧ ، وعوائد الأيّام : ٣٤٩ ـ ٣٥٣.
(٢) «فيه» من (ص).