على أنّه من فعلنا كالمباشر.

وقال معمر : إنّه لا فعل للعبد إلّا الإرادة ، وما عداها من الحوادث فهي واقعة بطبع المحل ، والإنسان عنده جزء في القلب توجد فيه الإرادة وما عداها يضيفه إلى طبع المحل.

وقال آخرون : لا فعل للعبد إلّا الفكر ، وهم بعض المعتزلة.

وقال أبو إسحاق النظّام : إنّ فعل الإنسان هي الحركات الحادثة فيه بحسب دواعيه ، والإنسان عنده هو شيء منساب في الجملة ، والإرادة والاعتقادات حركات القلب ، وما يوجد منفصلاً عن الجملة كالكتابة وغيرها فإنّه من فعله تعالى بطبع المحل.

وقال ثمامة : إنّ فعل الإنسان هو ما يحدثه في محل قدرته ، فأمّا ما تعدّى محل القدرة فهو حادث لا محدث له وفعل لا فاعل له.

وقالت الأشعرية : المتولّد من فعله تعالى. والجماهير من المعتزلة التجئوا في هذا المقام إلى الضرورة فإنّا نعلم استناد المتولدات إلينا كالكتابة والحركات وغيرهما من الصنائع ويحسن منّا مدح الفاعل وذمّه كما في المباشر.

والمصنف رحمه‌الله استدلّ بحسن المدح والذمّ على العلم بأنّا فاعلون للمتولّد لا عليه (١) لأنّ الضروريات لا يجوز الاستدلال عليها ، نعم يجوز الاستدلال على كونها ضرورية إذا لم يكن هذا الحكم ضرورياً (٢).

__________________

(١) لم يستدل على أنّا فاعلون لأنّه أمر ضروري وإنّما استدل على العلم به ، والضمير في «عليه» يرجع إلى كوننا فاعلين.

(٢) لا يخفى أنّه إذا كان الشيء ضرورياً ، يكون العلم به كذلك ، نعم ربّما تعرض الغفلة ، فالاستدلال لأجل رفعها.

۳۰۸۱