والثالث : ما يفعل لا لمحل ، فالأوّل مختص بنا ، والثالث مختص به تعالى والثاني مشترك.

واعلم أنّ الناس اختلفوا في المتولد هل يقع بنا أم لا ، فجمهور المعتزلة

__________________

طرح هذا التقسيم في المقام لأجل تبيين حكمه من حيث الجبر والاختيار وقد ذكر الشارح في المتولد أقوالاً :

١ ـ خيرة جمهور المعتزلة وهو مختار الماتن.

٢ ـ ما اختاره معمر بن عباد السلمي المتوفى عام ٢١٥ ه‍ خريج مدرسة الاعتزال في البصرة ، وقد نقل الشهرستاني منه ما يلي : «إنّ الله تعالى لم يخلق شيئاً غير الأجسام فأمّا الأعراض فانّها من اختراعات الأجسام إمّا طبعاً كالنار التي تحدث الإحراق ، وإمّا اختياراً كالحيوان الذي يحدث الحركة والسكون والاجتماع والافتراق» (١). وهو قريب ممّا ذكره الشارح.

٣ ـ ما قالته عدّة من المعتزلة وهو : لا فعلَ للعبد إلّا الفكر ، ويفارق القول الثاني بأنّ الفكر أعم من الإرادة ، وطبع الحال يقتضي أنّه يُسندُ الباقيَ إلى المحل طبعاً أو اختياراً.

٤ ـ ما ذهب إليه أبو إسحاق النظام (وهو إبراهيم بن سيار المعتزلي) (١٦٠ ـ ٢٣٢ ه‍) وهو جعل فعل الانسان نفس الحركات الحادثة فيه حسب دواعيه ، والإرادة والاعتقادات حركات القلب (أي مظاهر لحركته) والأفعال المنفصلة كالكتابة فعل الله عن طريق طبع المحل. وعقيدته في الروح ما هو ذكره الشهرستاني عنه : انّ الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل للقلب بأجزائه مداخلة المائية في الورد ، والدهنية في السمسم (٢) وبذلك يظهر معنى قوله «منساب» فإنّه من ساب الماء : أي جرى وفي بعض النسخ «سار» فالروح سارٍ في القلب سريان الماء في الورد.

٥ ـ قول ثمامة بن الأشرس المعتزلي المتوفى عام ٢٣٤ خريج مدرسة الاعتزال في بغداد ، وكلامه في المقام عجيب منه ، كيف يدعي انسان الهي ، وجودَ الفعل بلا فاعل.

__________________

(١) الشهرستاني : الملل والنحل : ١ / ٦٦ ط دار المعرفة بيروت. اقرأ آراءه فيها.

(٢) الشهرستاني : الملل والنحل : ١ / ٥٥ ط دار المعرفة بيروت. اقرأ آراءه فيها يزيدك ايضاحاً لعبارات الكتاب.

۳۰۸۱