قال : والسمعُ متأوَّلٌ ومعارَضٌ بمثله (١) والترجيحُ معنا.

أقول : هذا جواب عن الشبه النقلية بطريق إجمالي ، وتقريره أنّهم قالوا :

قد ورد في الكتاب العزيز ما يدل على الجبر كقوله تعالى : ﴿اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ(٢) ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٣) ، (٤) ﴿خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ (٥) ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً (٦).

والجواب : أنّ هذه الآيات متأوّلة وقد ذكر العلماء تأويلاتها في كتبهم.

__________________

(١) لا يخفى عدم صحة التعبير ، إذ القرآن خال عن أي تناقض واختلاف ، قال سبحانه : ﴿وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء : ٨٢) فاحتج بعدم الاختلاف على كونه منزلاً من الله سبحانه ، ومعه كيف يمكن استعمال لفظ المعارض ، بل كان عليه أن يقول : إنّ الآيات حول الجبر والاختيار كثيرة ، والمتشابهة منها تؤول أو تفسر ببركة المحكم ويردّ الأولى إلى الثاني ، كما أمر به سبحانه في سورة آل عمران الآية ٧.

(٢) الرعد : ١٦ ، والزمر : ٦٢.

(٣) الصافات : ٩٦.

(٤) الاستدلال بالآية على الجبر ، باطل جدّاً لأنّ المقصود من الموصول هو الأصنام التي كانوا ينحتونها ثمّ يعبدونها ، لا أفعال الإنسان ، ويدلّ على ذلك سياق الآيات ، قال سبحانه : ﴿أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ* وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (الصافات : ٩٥ ـ ٩٦) يريد أنّ الصنم الذي تتذللون دونه هو مصنوعكم ، وهو الذي عملتموه أمس ، فكيف تعبدونه اليوم ﴿أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ (الأنبياء : ٦٧).

نعم قد استدل غير واحد من المجبرة حتى الشيخ الأشعري (١) بالآية على الجبر غافلاً عن مرمى الآية.

(٥) البقرة : ٧.

(٦) الأنعام : ١٢٥.

_________________

(١) الأشعري : الابانة : الأصل ١٧ ص ٢٠.

۳۰۸۱