بخلاف القردة والخنازير فحينئذ لا يكون الإيمان خيراً بنفسه وإنّما الخير هو ما يؤدى إليه الإيمان من فعل الله تعالى بالعبد وهو المدح والثواب وحينئذ يكون المدح والثواب خيراً وأنفع للعبد من القردة والخنازير لكن ذلك من فعله تعالى.

واعلم : أنّ هذه الشبهة ركيكة جدّاً ، وإنّما أوردها المصنف رحمه‌الله هنا لأنّ بعض الثنوية أورد هذه الشبهة على ضرار بن عمرو فأذعن لها والتزم بالجبر لأجلها.

قال : والشكرُ على مقدمات الإيمان.

أقول : هذا جواب عن شبهة أُخرى لهم ، قالوا : لو كان العبد فاعلاً للإيمان لما وجب علينا شكر الله تعالى عليه ، والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدم مثله ، والشرطية ظاهرة ، فإنّه لا يحسن منّا شكر غيرنا على فعلنا.

والجواب : أنّ الشكر ليس على فعل الإيمان بل على مقدماته من تعريفنا إيّاه وتمكيننا منه وحضور أسبابه والإقدار على شرائطه.

__________________

ـ (الحج : ٧٨) وكيف يكون مضرّاً على البدن لو أراد الصلاة والصوم فإنّهما ليسا بمضرين بالبدن ، وإن أراد الحج فليس فيه أيّ ضرر ولو كانت فيه مشقة ، فربّما يتحملها الإنسان لغايات عظيمة ، على أنّ الاضرار الصغيرة على فرض وجودها في مقابل غاياتها الكبيرة ليست أضراراً «ومن طلب العُلى سهر الليالي».

والأولى أن يجاب أنّ فعل الإنسان ، كما هو فعله وهو في الوقت نفسه فعل الله سبحانه ، «والفعل فعل الله وهو فعلنا» فلو كان فيه حسن فهو أيضاً مستند إليه ، فلا يلزم أن يكون فعل الإنسان أحسن من فعله سبحانه.

أضف إلى ذلك أنّ العلّامة لم يشرح عبارة الماتن حيث قال : «ولا نسبة في الخيرية بين فعلنا وفعله» ، ومقصوده أنّ النسبة في الخيرية إنّما يكون بين المتحدين نوعاً ، وما ذكرتم ليس كذلك.

۳۰۸۱