﴿إِلى﴾ لا يفيد الرؤية ولهذا يقال : نظرت إلى الهلال فلم أره ، وإذا لم يتعين هذا المعنى للارادة أمكن حمل الآية على غيره وهو أن يقال إنّ «إلى» واحد الآلاء ويكون معنى ناظرة أي منتظرة.
أو نقول : إنّ المضاف هنا محذوف وتقديره : إلى ثواب ربها.
لا يقال : الانتظار سبب الغمّ والآية سيقت لبيان النعم.
لأنّا نقول : سياق الآية يدل على تقدم حال لأهل الثواب والعقاب على استقرارهم في الجنة والنار بقوله : ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ (١) بدليل قوله تعالى : ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ* تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ﴾ (٢) فإنّ في حال استقرار أهل النار في النار قد فعل لها فاقرة فلا يبقى للظن معنى ، وإذا كان كذلك فانتظار النعمة بعد البشارة بها لا يكون سبباً للغمّ بل سبباً للفرح والسرور ونضارة الوجه ، كمن يعلم وصول نفع إليه يقيناً في وقت فإنّه يسرّ بذلك وإن لم يحضر الوقت ، كما أنّ انتظار العقاب بعد الإنذار بوروده يوجب الغمّ ويقتضي بسارة الوجه.
__________________
وبعبارة أُخرى : يجب أن يكون المقابلان ـ بحكم التقابل ـ متحدي المعنى والمفهوم ، ولا يكونا مختلفين في شيء سوى النفي والإثبات ، فلو كان المراد من المقابل الأوّل ، أعني : ﴿إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ هو رؤية جماله سبحانه وذاته ، فيجب أن يكون الجزاء في قرينه ، أعني : ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ﴾ هو حرمان هؤلاء عن الرؤية أخذاً بحكم التقابل. وبما أنّ تلك الجملة ـ أعني : القرين الثاني ـ لا تحتمل ذلك المعنى ، أعني : الحرمان من الرؤية ، بل صريحة في انتظار العذاب الفاقر ، يكون ذلك قرينة على المراد من القرين الأول ، هو رجاء رحمته وانتظار فرجه وكرمه.
(١) القيامة : ٢٢.
(٢) القيامة : ٢٤ ـ ٢٥.