وقال أبو هاشم : لا يجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما (١).
قال : وكذا المعلول مع العلة (٢).
أقول : إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل يجب عليه الندم على المعلول أو على العلة أو عليهما ، مثاله الرامي إذا رمى قبل الإصابة؟ قال الشيوخ : يجب الندم على الإصابة لأنّها هي القبيح وقد صارت في حكم الموجود لوجوب حصوله عند حصول السبب.
وقال القاضي : يجب عليه ندمان : أحدهما على الرمي لأنّه قبيح ، والثاني على كونه مولّداً للقبيح ، ولا يجوز أن يندم على المعلول ، لأنّ الندم على القبيح إنّما هو لقبحه وقبل وجوده لا قبح.
قال : ووجوبِ سقوطِ العقاب بها (٣).
أقول : المصنف رحمهالله استشكل وجوب سقوط العقاب بها.
__________________
(١) أي عن الندم والإصرار.
(٢) أي وكذا في المعلول مع العلّة إشكال ، ولا يخفى أنّ المسألة نادرة الابتلاء لأنّ الفترة بين الرمي والإصابة قليلة، وقلّما يتفق لإنسان إمكان حصول الندم قبل الإصابة حتى نبحث عن حكمه ، وعلى كل تقدير فهناك أقوال ذكرها الشارح ، والعجب من قول القاضي عبد الجبار حيث أوجب الندمين على الرمي.
(٣) أي وكذا في وجوب سقوط العقاب بها إشكال ، وكان للمصنّف أن يكتفي في العبارة بخبر واحد (إشكال) في مجموع الجمل الأربع المتقدمة التي بَدْؤها قوله : «وفي ايجاب التفصيل مع الذكر» الخ. ومحور البحث في المقام هو كون التوبة مسقطة للعقاب عقلاً أولا ، وأمّا شرعاً فلا شك أنّه مسقط للعقاب وقد تضافر عنهم قولهم : «التائب عن ذنبه كمن لا ذنب له» وقال سبحانه : ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى﴾ (طه: ٨٢) فذهبت المعتزلة إلى وجوب سقوطه عقلاً بوجهين :