والثاني : اجتماع النقيضين.
والذي يخطر لنا في تفسير ذلك أمران :
أحدهما : أن يقال : البقاء إمّا جوهر أو عرض ، والقسمان باطلان فالقول به باطل:
أمّا الأوّل فلأنّه لو كان جوهراً لم يكن جعله شرطاً لجوهر آخر أولى من العكس ، فإمّا أن يكون كل واحد منهما شرطاً لصاحبه وهو دور ، أو لا يكون أحدهما شرطاً للآخر وهو المطلوب.
وأمّا الثاني فلأنّه لو كان عرضاً قائماً بذاته لزم اجتماع النقيضين ، إذ العرض هو الموجود في المحل ، فلو كان البقاء قائماً لا في محل مع كونه عرضاً لزم ما ذكرناه.
الثاني : أن يقال : البقاء (١) إمّا واجب لذاته أو ممكن لذاته ، والقسمان باطلان :
__________________
(١) هذا هو التفسير الثاني لقول الماتن من لزوم الترجيح بلا مرجح أو اجتماع النقيضين.
أمّا الأوّل ففيما إذا كان البقاء الموجود لا في محلٍ جوهراً ، وأمّا الثاني ففيما إذا كان البقاء الموجود لا في محل عرضاً ، فإنّهما متناقضان.
لا يقال : إنّ افتراض كون البقاء موجوداً لا في محل أوجب التناقض ، لما ذا لا نفترض كونه موجوداً في محل؟
فإنّه يقال : ما ذكرته من الفرض هو نظرية الأشاعرة والكعبي ، وسوف يذكرها المصنّف في البحث الآتي ، والكلام مركّز على نظرية ابن شبيب القائل بأنّ البقاء موجود لا في محل.
وهناك تفسير ثان للشارح لكلا الأمرين ، فالثاني أي اجتماع النقيضين مبنيّ على كون البقاء واجباً لذاته وفي الوقت نفسه وُجِدَ بعد العدم ، وهذا عين التناقض ، وأمّا الأوّل أي الترجيح من غير مرجح فهو مبني على القول بكونه ممكناً ، فإنّ كونه في وقت دون وقت ترجيح من غير مرجح ، واحتمال أنّ المرجح أحد الأُمور التالية: