أمّا الأوّل : فلأن وجوده بعد العدم يستلزم جواز عدمه والوجوب يستلزم عدم جوازه ، وذلك جمع بين النقيضين.
وأمّا الثاني : فلأنّ عدمه في وقت دون آخر ترجيح من غير مرجح ، لاستحالة استناده إلى ذاته وإلّا لكان ممتنع الوجود مع إمكانه وذلك جمع بين النقيضين ، ولا إلى الفاعل ، ولا إلى الضد وإلّا لجاز مثله في الجواهر فالقول بذلك هنا مع استحالته في الجواهر ترجيح من غير مرجح ، ولا إلى انتفاء الشرط وإلّا لزم أن يكون للبقاء بقاء آخر فليس أحدهما بكونه صفة للآخر أولى من العكس وذلك ترجيح من غير مرجح.
قال : وإثباته في المحل يستلزم توقف الشيء على نفسه إمّا ابتداءً أو بواسطةٍ.
أقول : ذهب جماعة من الأشاعرة والكعبي إلى أن الجواهر تبقى ببقاء
__________________
١ ـ ذاته. ٢ ـ فاعله. ٣ ـ ضده. ٤ ـ انتفاء شرطه ، احتمال باطل.
أمّا الأوّل : فلو كان عدمه في وقت خاص مستنداً إلى ذاته يلزم أنّ تقتضيه مطلقاً ، فيكون ممتنع الوجود ، مع أنّه ممكن الوجود.
أمّا الثاني : فلما مرّ من أنّه لا فرق في الامتناع للفاعل بين نفي الفعل وفعل العدم ، وكلاهما باطلان ، وقد مرّ من الشارح وجود الفرق بينهما ، وعلى هذا يكون الاستدلال جدلياً مبنياً على مسلمات القوم.
أمّا الثالث : فلما تقدم في المسألة الثانية من أنّ اقتضاء الضد المتقدم لنفي البقاء المتأخر أولى من انعدام الضد بالبقاء المتأخر ، كما أوضحه عند شرح قول الماتن «ولانتفاء الأولوية» ، أو لعل المراد أنّه لا ضد للجواهر.
وأمّا الرابع : أعني انتفاء الشرط فيقال : لو كان للبقاء شرط فللشرط وجود وبقاء غير وجوده ، فينتقل السؤال إلى السبب لعدم بقاء ذلك الشرط ، ولو كان عدمه لأجل انتفاء شرطه يتسلسل ، على أنّه لا وجه لعدّ شيء شرطاً (صفة) والآخر مشروطاً (موصوفاً).