وكل ما يمكن أن يكون معقولاً وحده أمكن أن يكون معقولاً مع غيره ، وكل مجرد يعقل مع غيره فإنّه عاقل لذلك الغير ، أما ثبوت المعقولية لكل مجرد فظاهر لأن المانع من التعقل إنّما هو المادة لا غير ، وأما صحة التقارن في

__________________

ـ وبغيره. ولأجل أن لا تخرج التعليقة عن حدها ، نشرح ما ذكره الشارح في المقام ونرجئ البحث عن اللون الأوّل وما ذكره في تجرد النفس إلى آونة أُخرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، فنقول :

هنا : دعويان :

الأُولى : أنّه سبحانه مجرد ، وكل مجرّد عالم بذاته.

الثانية : أنّه سبحانه مجرد ، وكل مجرّد عالم بغيره.

أمّا الدعوى الأُولى : فهي مركبة من صغرى مفروضة الصدق ، لأنّه ليس جسماً ولا جسمانياً فيكون مجرداً ، ومن كبرى ، ومعناها أنّه عالم بذاته. ويمكن توضيحه بالوجه التالي : إنّ العلم ليس إلّا حضور الشيء لدى الشيء ، والعائق عن الحضور هو كون الشيء جسماً أو جسمانياً ، لأنّ لازمهما التفرق والانبساط وعدم اجتماع الأجزاء وغيبوبة بعضها عن بعض ، وهو مفقود بالفرض ، لأنّه مجرد وليس له جزء يغيب بعضه عن بعض ، فهو بوحدته وبساطته كمال مطلق ليس له جزء يغيب بعضه عن بعض ، وعند ذاك تكون ذاته حاضرة لدى ذاته ، وقد عرفت أنّ العلم ليس إلّا الحضور. وما قاله الشارح : «وكلّ مجرد حصل له مجرد» يريد من المجرد الأوّل نفسَ الشيء ومن قوله : «حصل له مجرد» حصولَ ذاتِه لذاته أي حضور ذاته لدى ذاته.

هذا كلّه حول الدعوى الأُولى التي انتهت إلى علمه سبحانه بذاته.

وأمّا الدعوى الثانية : أنّه مجرد ، وكلّ مجرد عالم بغيره ، التي تريد إثبات علمه سبحانه بما سواه من أفعاله فبيانه يتوقف على ثبوت أُمور ثلاثة :

١ ـ أنّ كلّ مجرد أمكن أن يكون معقولاً وحده.

٢ ـ وكلّ ما يمكن أن يكون معقولاً وحده أمكن أن يكون معقولاً مع غيره.

٣ ـ وكلّ مجرد يعقل مع غيره فإنّه عاقل لذلك الغير.

۳۰۸۱