الوجه الأوّل : أنّه تعالى فعل الأفعال المحكمة ، وكلّ من كان كذلك فهو عالم.

أما المقدمة الأُولى فحسية ، لأن العالم إمّا فلكي أو عنصري ، وآثار الحكمة والإتقان فيهما ظاهرة مشاهدة.

وأما الثانية فضرورية ، لأن الضرورة قاضية بأنّ غير العالِم يستحيل منه وقوع الفعل المحكم المتقن مرة بعد أُخرى.

الوجه الثانية : أنّه تعالى مجرد وكل مجرد عالم بذاته (١) وبغيره.

أما الصغرى فإنّها وإن كانت ظاهرة لكن بيانها يأتي فيما بعد عند الاستدلال على كونه تعالى ليس بجسم ولا جسماني.

وأمّا الكبرى فلأنّ كل مجرد فإنّ ذاته حاصلة لذاته لا لغيره وكل مجرد حصل له مجرد ، فإنّه عاقل لذلك المجرد لأنّا لا نعني بالتعقل إلّا الحصول ، فإذن كل مجرد فإنّه عاقل لذاته.

وأمّا أنّ كلّ مجرد عالم بغيره فلأن كل مجرد أمكن أن يكون معقولاً وحده ،

__________________

(١) إنّ هنا لونين من البحث :

أحدهما : كل عاقل مجرد ، وكل مجرد عاقل ، وقد أطرحه المحقّق الطوسي في آخر «المسألة الثانية والعشرون» من مباحث العلم وتبعه شرّاح المتن ، وأقاموا البرهان على القاعدتين المعروفتين (١) وقد ذكر أيضاً بعض ما يرتبط بهما في الفصل الرابع ، المسألة الخامسة في تجرد النفس (٢) ولكنّ بيان الشارح في المقام الأوّل في الكتاب غير خال عن التعقيد والصعوبة.

ثانيهما : ما ذكره الشارح في المقام استلهاماً من قول المصنف في المتن حيث قال : «والتجرد» ، وفسّره في المقام بالصورة التالية : إنّه سبحانه مجرد وكل مجرد عالم بذاته ـ

__________________

(١) لاحظ كشف المراد : ٢٤٦ طبعة النشر الإسلامي.

(٢) لاحظ المصدر نفسه : ١٨٤ طبعة النشر الإسلامي.

۳۰۸۱