وهذه المقالات كلّها باطلة ، لأن المقتضي لتعلق القدرة بالمقدور إنّما هو الإمكان ، إذ مع الوجوب والامتناع لا تعلق ، والإمكان ثابت في الجميع فثبت الحكم وهو صحة التعلق ، وإلى هذا أشار المصنف رحمه‌الله بقوله : عمومية العلة ، أي الإمكان ، تستلزم عمومية الصفة ، أعني القدرة على كل مقدور.

والجواب عن شبهة المجوس : أنّ المراد من الخيّر والشرير (١) إن كان مَنْ فَعَلَهُما فَلِمَ لا يجوز اسنادهما إلى شيء واحد؟

وأيضاً الخير والشر ليسا ذاتيين للشيء ، فجاز أن يكون الشيء خيراً بالقياس إلى شيء وشراً بالقياس إلى آخر ، وحينئذ يصح إسنادهما إلى ذات واحدة.

وعن شبهة النظّام أنّ الإحالة حصلت بالنظر إلى الداعي ، فلا تنافي الإمكان الذاتي المقتضي لصحة تعلق القادر.

وعن شبهة البلخي : أنّ الطاعة والعبث وصفان لا يقتضيان الاختلاف الذاتي.

__________________

(١) أجاب عن شبهة المجوس بوجهين :

الأوّل : إذا كان المراد من الخيّر من يفعله ومن الشرير من يصدر منه الشر ، فلا مانع من كون شيء واحد وهو الله مبدأ لهما ، وهذا الجواب ليس حاسماً للاشكال ، لأنّ الإشكال بعدُ باق بحاله ، إذ الخصم يقول : إذا كان مقتضى صدور شيء من شيء ، وجود رابطة بينهما فلازم صدور الأمرين المتضادين اشتماله على أمرين متضادين ، مع أنّا فرضناه واحداً بسيطاً ، وعلى فرض جواز التركيب ، المتضادان لا يجتمعان.

الثاني وهو الجواب الحقيقي : أنّ الشر ليس له مصداق في الخارج وإنّما هو أمر إضافي ينتزع من قياس شيء إلى شيء آخر ، فإذا كان بينهما عدم الملاءمة ، يقال : إنّه شر كما أوضح في محله ، وليس العدم إلّا أمراً قياسياً.

۳۰۸۱