قال : ولا يصحُّ إسقاطهُ.

أقول : هذا حكم آخر للعوض وهو أنّه لا يصح إسقاطه ولا هبته ممن وجب عليه في الدنيا ولا في الآخرة ، سواء كان العوض عليه تعالى أو علينا ، هذا قول أبي هاشم وقاضي القضاة.

وجزم أبو الحسين بصحة إسقاط العوض علينا إذا استحلّ الظالم من المظلوم وجعله في حل ، بخلاف العوض عليه تعالى فإنّه لا يسقط لأنّ اسقاطه عنه تعالى عبث لعدم انتفاعه به.

واحتج القاضي بأنّ مستحق العوض لا يقدر على استيفائه ولا على المطالبة به ولا يعرف مقداره ولا صفته فصار كالصبي المولّى عليه لا يصح له اسقاط حقه عن غريمه.

والوجه عندي جواز ذلك (١) لأنّه حقه وفي هبته نفع للموهوب ويمكن نقل هذا الحق إليه فكان جائزاً. والحمل على الصبي غير تام لأن الشرع منع الصبي من التصرف في ماله لمصلحة شرعية حتى إنّا لو لا الشرع لجوّزنا من

__________________

(١) إنّ الشارح خالف قول أبي هاشم وقاضي القضاة ، حيث إنّهما لم يجوّزا إسقاط العوض مطلقاً سواء كان علينا أم على الله ، ولكنّه قال بإسقاط العوض في الجملة.

كما خالف أبا الحسين البصري ، حيث إنّه فصّل في العوض بأنّه لو كان علينا جاز الإسقاط بالاستحلال ، دون ما إذا كان على الله ، لأنّ إسقاطه عندئذ عبث لأنّ الإيلام كان لغاية العوض ، والمفروض أنّ المكلّف أسقطه ، والشارح خالفه أيضاً وقال بجواز إسقاط العوض مطلقاً سواء كان علينا أو على الله. ولا يلزم العبث ، لأنّ أثر هذا الإسقاط هو الإحسان إلى الغير ، إذا وهبه له لا الإسقاط المطلق.

نعم ذهب إلى عدم جواز إسقاط الثواب لأنّه مستحق مع المدح فلا يصح نقله إلى من لا يستحقه ، وفيه تأمّل إذا كان العمل للغير من أوّل الأمر ونوى الإتيان به لأجله.

۳۰۸۱