الصبي المميز إذا علم (١) دينه ، وأنّ هبته احسان إلى الغير (٢) وآثر هذا الإحسان (٣) لانتفاء الضرر عنه مع اشتماله على الاختيار في الهبة لأنّه كالبالغ لكن الشرع فرق بينهما.

وعلى هذا لو كان العوض مستحقاً عليه تعالى أمكن هبته مستحقة لغيره من العباد ، لما ذكرنا من أنّه حقه وفي هبته انتفاع الموهوب (٤) وإمكان نقل هذا الحق ، أمّا الثواب المستحق عليه تعالى فلا يصحّ منّا هبته لغيرنا لأنّه مستحق بالمدح فلا يصح نقله إلى من لا يستحقه.

قال : والعوضُ عليه تعالى يجب تزايُدُه إلى حدِّ الرضا عند كلِّ عاقلٍ ، وعلينا يجب مساواتُه.

أقول : هذا حكم آخر للعوض ، وهو أنّه إمّا أن يكون علينا أو عليه تعالى.

أمّا العوض الواجب عليه تعالى فإنّه يجب أن يكون زائداً عن الألم الحاصل بفعله أو بأمره أو بإباحته أو بتمكينه لغير العاقل ، زيادة تنتهي إلى حد الرضا من كل عاقل بذلك العوض في مقابلة ذلك الألم لو فعل به لأنّه لو لا ذلك لزم الظلم أمّا مع مثل هذا العوض فإنّه يصير كأنّه لم يفعل.

وأمّا العوض علينا فإنّه يجب مساواته لما فعله من الألم أو فوَّتهُ من المنفعة لأن الزائد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلماً ولا يخرج ما

__________________

(١) بفتح الدال أي مقدار حقه ، وهذا من الموارد التي افترق فيها حكم الشرع عن حكم العقل ، وبذلك ربّما نوقضت القاعدة الملازمة فتأمّل.

(٢) تعليل لحسن إسقاطه لأنّ فيه إحساناً إلى الغير.

(٣) أي إنّما اختار هذا الإحسان لانتفاء الضرر عنه.

(٤) الصحيح : الموهوب له.

۳۰۸۱